
الحماية الحقيقية لا تأتي من وراء الجدران العالية ولا من التمترس خلف الأجهزة الأمنية أو الجيوش الإعلامية المأجورة، بل من الشجاعة في مواجهة الواقع، ومصارحة الذات قبل الآخرين.
إن ترسيخ الديمقراطية، وضمان الحرية، وحماية حق التعبير، والاعتراف بشرعية الرفض والاحتجاج، ليست ترفاً نخبوياً ولا هبة من سلطة؛ بل هي الأساس الذي لا يُبنى وطن بدونه.
الهدف من خوض غمار الشأن العام ليس تمرير مأمورية ولا تمديدها، ولا اختطاف السلطة باسم “الإجماع”، بل تغيير العقليات المتعفنة، ومواجهة ثقافة التبجيل والتزلف، وتحسين الواقع المزري الذي ترزح تحته الأغلبية الصامتة، وتحويل الدولة إلى وطن لكل مواطنيه لا شركة مساهمة تُدار بمنطق الربح الشخصي والزبونية.
نحن لا نعارض من أجل المعارضة، بل نرفض أن نكون شهود زور على تدمير وطن واغتصاب مستقبل. لن نصمت، ولن نمنح الغطاء السياسي ولا الأخلاقي لعصابة تُمعن في اختلاس الحلم الوطني، من سمسار صغير على هامش الصفقات إلى متصدر للمشهد يظن نفسه فوق المحاسبة.
إننا نعيش زمناً تتآمر فيه النخبة الصامتة مع المستفيدين من الوضع القائم، لكن صوتنا سيبقى شاهداً، يوثق ويُدين، يفضح ويُحاكم، لأننا نؤمن أن الذاكرة أقوى من الأكاذيب، وأن الشعب، مهما طال صمته، لا ينسى من باعه، ولا يغفر لمن خانه.