بسم الله الرحمن الرحيم
هيئة الدفاع عن رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز
بيان للرأي العام الوطني والدولي
أصدرت غرفة مشورة المحكمة العليا - بمناسبة دعوى المخاصمة المقدمة من طرف الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز ضد قضاة الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف- قرارها رقم 37/2024 بتاريخ 18 /12/ 2024 القاضي برفض تلك الدعوى شكلا؛ وهو القرار الذي يعتبر مثالا واضحا على ما أثبتته التجربة من أن القضاء حين يُقْحَم في قضايا السياسة، يخطئ في السياسة والقانون معا. ومن شواهد ذلك:
- أن المحكمة العليا - وخلافا لما دأبت عليه في دعاوى المخاصمة- خصصت جلسة لنظر الدعوى قبل إبلاغها للمخاصمين لتضمن استمرارهم في محاكمة من أصبح خصمهم بموجب تلك الدعوى،
- أنها قررت عدم قبول الدعوى شكلا بعد أن خاضت في الأصل بمختلف جوانبه؛ وذلك بالرغم من استجابة عريضة المخاصمة لكل شروط الشكل المقررة بالقانون،
- أنها بالغت في حماية التشكلة التي تحاكم رئيس الجمهورية السابق، لحد جعلها تمنع مخاصمة جميع القضاة؛ وذلك عندما قررت أن دعوى المخاصمة لا تقبل إلا بعد أن يكون عمل القاضي المخاصَم مبرما، وبعد أن تُستَنفَد طرق الطعن في حقه؛ مخالفة بذلك صريح المادة 280 من ق. إ. م. ت. إ، التي تجيز مخاصمة القاضي حتى قبل أن يصدر حكما أو قرارا في الدعوى المنشورة أمامه؛ بدليل قولها: "ويكف القاضي عن النظر في النزاع، كما يكف إلى أن يقع البت نهائيا في الطعن المتعلق بالمخاصمة، عن جميع الدعاوى المنشورة بمحكمته، والتي تتعلق بالمدعي أو بأقاربه المباشرين..".
- أنه التبس على المحكمة الموقرة الفرق بين دعوى المخاصمة ودعوى المشروعية عند حديثها عن الدعوى الموازية، ونسيت أن الاجتهاد الذي استوردته (في وجود نص مخالف من القانون الموريتاني) نشأ في ظل أنظمة قانونية تهدف المخاصمة فيها - من بين ما تهدف إليه- إلى إلغاء أو نقض العمل القضائي سبب المخاصمة كإحدى نتائج قبول دعوى المخاصمة في تلك الأنظمة القانونية. ولعل هذا محل تذكير محكمتنا العليا الموقرة بأن دعوى المخاصمة هي دعوى مسؤولية هدفها جبر الضرر الناتج عن خطأ القاضي أو تقصيره عن طريق التعويض المادي، وليست طعنا قضائيا، ولا توجد طريق ولا دعوى أخرى تحقق هذا الغرض سواها.
ولقد انساقت النيابة العامة على مستوى الاستئناف والمحكمة العليا وراء زعم أطلقه بعضهم تحت تأثير الصدمة والمفاجأة، مفاده أن لا وجود لمخاصمة القضاة في المادة الجزائية، دون أن تأخذ دقيقة من وقتها للاطلاع على النصوص القانونية ذات الصلة؛ والتي توزعها وزارة العدل في مطبوعات مجانية.
ولئن كان قرار المحكمة العليا - هذا- قد أثلج صدور الأطراف التي لفقت هذه القضية الظالمة، فإنه - من جهة أخرى- قد أطاح بصفة نهائية بزعم تلك الأطراف أن ملف رئيس الجمهورية السابق ملف قضائي. ولعل بيان بعض زملائنا في فريق الدفاع عن الطرف المدني المزعوم أحد مظاهر تفاعلات ذلك الانكشاف.
إذ يدرك ذلك الفريق المحترم أن الاتهام والإدانة في ملف رئيس الجمهورية السابق يتمان بقرار سياسي وليس بوسائل الإثبات القانونية؛ لذلك يركز بعضهم على التهجم على الرئيس السابق، وكيل التهم له جزافا، استمرارا في خطاب لم يعد يقنع أحدا، ويدافعون عن كل الأطراف إلا الدولة الموريتانية، وينكرون على زملائهم حقهم في الدفاع عن موكلهم، وحقهم في تقديم جميع الدفوع التي يرون وجاهتها، ويستعجلون بلوغ مواضيع سبق أن فتحت ولم يقدموا فيها سوى أنهم لم يقدموا شيئا. ويحرصون - في كل خرجة يقومون بها خارج السياق- إلى التعرض لزملائهم في فريق الدفاع، في قطيعة نهائية مع أخلاقيات المهنة وروح الزمالة.
نواكشوط 22 /12/ 2024
هيئة الدفاع