فعلا نجح المعرض الوطني للتنمية الحيوانية من حيث طبيعته وحجمه وتوقيته وموقعه ونجح في استقطاب المهتمين، كما نجح في السيطرة على أزرار جهاز التحكم وصد هجمات السياسيين المرتدة والمتكررة وعزل بيئة المعرض عن صخبهم ومحاولاتهم تغيير مسار التظاهرة وحشرها في زوايا الاستقطاب السياسي الحادة.
لم يتوقف نجاح المعرض هناك، بل نجح في دقة التنظيم ودقة تحديد الأهداف، ونجح في تسويق عناوينه وعرْض أفكاره وتصوراته وحشد الفئات الاجتماعية والفنية والاقتصادية المعنية؛ نجح في حملاته الإعلامية والإعلانية ونجح من خلال حجم التمثيل الرسمي، فحضور السيد الرئيس شخصيا يشكل رافعة لهذا القطاع وبلسما نفسيا للمستثمرين فيه... وسبقا أخلاقيا لجبر خواطر المنمين الذين واجهوا الكوارث طيلة عقود بإمكانياتهم الذاتية دون دعم مناسب، وأملا لتقنيِّي القطاع أطباءَ وفنيّين، والرعاية السامية والكريمة التي حُظي بها المعرض، تعطي دلالات وإشارات بشارة لقطب التنمية الحيوانية الذي ظل مغمورا ومطمورا في دهاليز تبعيته لصنوه الزراعي رغم أنه من حيث المعطيات يجب أن يكون قطب ريادة وسيادة متبوعا لاتابعا مضافا إليه لامضافا!.
وللتذكير" فتعضيدا" لما أقول، تصوروا أن قطاع التنمية الحيوانية يمثل لوحده قرابة %20 من الناتج الداخلي الخام(PIB) وأنه الضامن الوحيد لأمننا الغذائي وفرةً وسهولةً واستقرارا واستخداما، فضلا عن تميزه بالإنسيابية والجودة واستقرار السعر ، فالمعايير التي ميزت عملية تموينه بشكل دائم كأمان خطوط التموين وقصر مسافة سلسلة الإنتاج (داخلية كلها)، وليست مرتبطة بمزاج الحدود ولا مدّ وجزْر البحر ولامحاصصات العالم وتنافسه على الغذاء بعد كوفيد، هذه العوامل مثلت عامل استقرار وطمأنينة وهدوء رغم الزوابع والهزات التي شهدها العالم خلال جائحة الكوفيد بسبب الغذاء.
أضيف في المقام أن %70 من المواطنين يعتمدون بشكل مباشر أو غير مباشر على هذا القطاع الحيوي.
المعرض خطوة جبارة وشجاعة نالت مباركة المهتمين والفاعلين في المجال، وسيكون له ما بعده من تطور في القطاع، والسيد الرئيس أعطى رسالة بالغة الدلالة في أن التظاهرة تنموية ولا مجال لخلط التنمية بغيرها، وتكلم عن القطاع كلام العارف، وشخّص واقعه بدقة وأحب أن أسجل ملاحظة في السياق رافعا إلى علمه الكريم أنه بدل الدخول في التكوين - والتكوين المتوسط ليس حلا طبعا - فليعلم أن ستين طبيبا بيطريا جاهزة ولديها خبرة تتراوح ما بين ثلاثين وقرابة العقدين وقادرة على تسديد النقص الأفقي والعمودي في القطاع، وتتميز بأن من ضمنها خبراء دوليين لم تستفد موريتانيا قط منهم وأن بعضهم لا تربطه بالدولة إلا عقودا مؤقتة لا تراعي إلا ولا ذمة ولا اعتبارا، ولا تعكس حقيقة الحاجة الماسة لهم.
وختاما فأتمنى من معالي وزير التنمية الريفية المحترم بعد مُستحَقِّ التهنئة على نجاح المعرض أن تكون هناك استقلالية مالية وإدارية للقطاع، تناسب حجم حضوره في اقتصادنا الوطني وفي وجبة المواطن وفي دخله.