وسط حضور نوعي.. انطلاق النسخة الأولى من مهرجان تنحمّاد للثقافة والتراث

ثلاثاء, 26/08/2025 - 12:13

انطلقت ليلة البارحة ببلدية تنحماد التابعة لمقاطعة لعيون فعاليات النسخة الأولى من مهرجان تنحماد للثقافة والتراث، بحضور رسمي وجماهيري كبير، تمثل في الأمين العام لوزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، ووالي الحوض الغربي، ورئيس جهة الحوض الغربي، ورئيس رابطة عمد الولاية، وبرلمانيون سابقون، ومسؤولون سامون، وأطر، ورجال أعمال، وجمع غفير من ساكنة تنحماد والقرى المجاورة.

بدأت مسطرة الليلة الأولى من المهرجان بافتتاح بالقرآن الكريم، ورتل أحد طلاب إحدى المحاظر آيات بينات من القرآن الكريم، تلاها عرض يحاكي المحظرة الموريتانية بكل تفاصيلها، حيث جلس شيخ محظرة بين طلابه وهم يحملون ألواحهم، كل يسأل فيجيبه الشيخ رغم تعدد الأسئلة، وتوزعها على أماكن مختلفة من القرآن الكريم، كل ذلك تحت شجرة وعلى ضوء نار تم إيقادها، وتفاعل الجمهور مع هذه الفقرة المعبرة والعميقة في دلالتها.

بعد ذلك، أطفئت الأضواء، ليتابع الحضور فيلما وثائقيا أعده مهرجان تنحماد للثقافة والتراث، يحكي قصة تنحماد، ويقدم بشكل مختصر بطاقة تعريف عن هذه البلدة، تحتوي أهم ما يميزها من عناية بالعلم، والثقافة والفن والأدب، فضلا عن أبرز مناطقها الأثرية ومعالمها السياحية، وتضمن الفيلم شهادات حية من شخصيات مرجعية عاشت في تنحماد منذ عقود.

عمدة بلدية تنحماد السيد محمد ولد شيخن عال افتتح الكلمات الرسمية في حفل الافتتاح بخطاب، رحب فيه بضيوف بلديته الذين حرصوا على مشاركة الساكنة أفراح هذا الحدث الثقافي الهام، وأضاف العمد "أن هذا المشهد الليلة يزيد المكان بهاء، ويعيد إلى الأذهان قصص العطاء، والبذل التي سطرها المؤسسون الأوائل، الذين غرسوا البذرة الأولى لوجود هذا المكان بمجده وتاريخه".

وكشف العمدة أن تنحماد تأسست سنة 1960 على أيدي رجال عظماء وصلحاء أنقياء، همهم في زمانهم إقامة المحاظر القرآنية، وتدريس العلوم الشرعية، والتنافس في فعل المعروف،وتكريس ثقافة التسامح، والمحبة، وفي سنة 1968 مع السنوات الأولى لتأسيس الدولة الوطنية، افتتحت أول مدرسة نظامية استجابة لتوجيهات الدولة ومتطلبات الحداثة، فكان من خريجيها موظفون سامون وقادة فكر، وإداريين، ومحاسبين، وأكد عمدة تنحماد أن افتتاح هذا المهرجان لا يشكل فقط مناسبة للاحتفاء بالفن والتراث، بل هو نافذة نطل منها على تاريخ هذا المكان ومقدراته العلمية والاقتصادية والثقافية، ونؤمن – يضيف العمدة- بأن الثقافة تلعب دورا محوريا في دفع عجلة التنمية.

وكان رئيس رابطة عمد الحوض الغربي، عمدة بلدية أكجرت أحمد دي ولد حمود ثاني المتحدثين، إذ أكد في خطابه أن" تنحماد مدينة سقيت أرضها بماء المكرومات، وتعطر جوها بأريج البركات"، وأضاف أنه "إذا لم يكن لهذا المهرجان من المحامد إلا أنه جمعنا لنصل الأرحام، ونتلاقى بعد أن فرقت بيننا المشاغل لكفاه ذلك، انسجاما مع دعوة رئيس الجمهورية إلى اتخاذ الوطن وجهة سياحية، لتثمين المقدرات السياحية الوطنية، ولقاء الأهالي، وتجديد الصلاة الاجتماعية".

أما رئيس جهة الحوض الغربي جمال ولد محمد فقال في خطابه "إن المجلس الجهوي، إذ يشارك في هذا المهرجان، فهو ينظر إليه باعتباره أداة تنموية لا تقل أهمية عن المشاريع الاقتصادية والاجتماعية، فالثقافة ليست ترفا، وإنما هي دعامة للاستقرار، ورافعة للتنمية، ومجال لتجذير الانتماء الوطني، وتوطيد اللحمة الاجتماعية بين مختلف مكوناتنا".

وأكد رئيس المجلس الجهوي أن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني "أطلق مشروع المدرسة الجمهورية، ورسم سياسات واضحة لإحياء القيم الوطنية وتوطيد الوحدة، وإعادة الاعتبار للموروث الثقافي، ويأتي مهرجان تنحماد استجابة عملية لهذه الرؤية"، وأضاف رئيس الجهة أنهم ملتزمون بدعم كل مبادرة ثقافية أو فنية أو علمية تسهم في إشعاع الجهة، وإبراز وجهها الحضاري.

رئيس جهة الحوض الغربي أضاف أن "تنحماد اليوم ليست مجرد بلدة تستضيف مهرجانا، بل هي رمز لجهة بأكملها، تختزل في ذاكرتها العلمية والروحية تاريخا من التضحيات، وفي حاضرها طاقة من الأمل والعطاء".

بدوره، ألقى رئيس مهرجان تنحماد للثقافة والتراث محمد ولد اجو، ألقى خطابا في سهرة الافتتاح، أكد فيه "أننا نلتقي اليوم في تنحماد لنستعيد حكاية مكان وزمان، حكاية مدينة ولدت من القيم، فكانت ملتقى للأجيال، ومنارة للعلم، وساحة للفن، وموئلا للفروسية والفولوكلور" وأضاف أن تنحماد تأسست نهاية خمسينيات القرن الماضي على يد المرحوم شيخن ولد عالي، فجعلها الله مقصدا لوجهاء المجتمع وعلمائه وقرائه".

وشدد ولد اجو على أن تنظيم هذا المهرجان يأتي استجابة لدعوة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني إلى ترسيخ الثقافة الوطنية وتعزيز حضورها في الحياة العامة، وجعلها رافعة للتنمية، والتماسك الاجتماعي، واستعرض رئيس المهرجان أبرز الأنشطة والفقرات التي سيتضمنها المهرجان خلال لياله وأيامه، قبل أن يجدد الترحيب بضيوف تنحماد، ويشكر شبابها، الذين لولا جهودهم وعملهم لما خرج المهرجان من حيز التفكير إلى التجسيد على أرض الواقع.

وكان خطاب الافتتاح الرسمي مع الأمين العام لوزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان سيدي محمد ولد جدو خطري،حيث أكد أن "مهرجان تنحماد للثقافة والتراث يشكل تظاهرة ثقافية وتنموية، تنعقد بفضل جهود أبناء هذه المدينة جميعا، لتكون منارة متجددة تشعل في النفوس جذوة الإبداع، وتفتح أمام الأجيال أبواب الاعتزاز بالهوية، وتسهم في تحقيق التنمية عبر الثقافة والفنون.

وأضاف الأمين العام أن مهرجان تنحماد يتناغم مع الرؤية الاستراتيجية لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني التي تجعل من الثقافة أحد أعمدة مشروعنا الوطني، وشدد على دعم قطاع الثقافة والفنون لكل الفاعلين في المجال الثقافي والفني والتراثي، وشكر الأمين العام منظمي المهرجان وضيوفه ، وأعلن رسميا باسم الوزير افتتاح المهرجان.

وشمل برنامج السهرة الأولى- بعد الكلمات الرسمية- فقرات فنية، وأدبية، حيث استمتع الجمهور بأدوار غنائية أداها فنانون وفنانات من منطقة تنحماد ومن خارجها، كما قدمت إلقاءات شعرية، قبل أن تُختتم السهرة الأولى، لتتواصل أنشطة المهرجان النهارية، استعدادا لسهرتين متبقيتين، يعد المنظمون بمفاجآت فيهما ستنال إعجاب الجمهور.

نشير إلى أن برنامج المهرجان يتضمن تنظيم كأس المهرجان للرماية التقليدية، وسباقا للخيل، ومعرضا للصناعة التقليدية، ومعرضا للأطباق التقليدية، وزيارة للمواقع الأثرية والطبيعية في البلدية، وندوات علمية، وكأس المهرجان لكرة القدم، ومعرضا للمخطوطات.

 

 

___________
نقلا عن: موقع الوسط الإخباري.