سرقة غطاء الصرف.. عندما يُشهر بالفقير ويُصان الفاسد /سيد أحمد سيدي

أحد, 25/05/2025 - 22:59

عندما يُسرق غطاء الصرف الصحي، فالمشكلة أعمق من مجرد اختفاء قطعة معدنية… إنها انعكاس حيّ لبنية فسادٍ تتغلغل من القمة حتى القاع. 
يُشهَّر بالفقير كولاية الحديد، و يُسدل الستار عن كولاية المال العام، حيث تُنهب المليارات في هدوء يُتقن فنّ الإخفاء.

في هذا المشهد، لا تُقاس الجريمة بحجمها، بل بموقع مرتكبها من السلطة و سرقة خردة الحديد تُجرَّم، و سرقة الوطن تُقنَّن. 
تشتغل العدالة كآلة تفضح الضعيف و تُحصّن المتنفّذ، فيما تتحول مساءلة الفساد إلى طقسٍ إعلاميّ موسميّ، لا إلى آلية مُؤسسية حقيقية.

الفساد هنا لم يعد سلوكًا فرديًا شاذًا، بل أصبح نموذجًا اجتماعيًا يُنتج ويُعاد إنتاجه من الأعلى يُصاغ النهب على هيئة إنجاز، و من الأسفل يُقلَّد كوسيلة للنجاة. 
الفاسد الكبير يُحتفى به، و الصغير يُشهر به. و هكذا نُربّي أجيالًا تتعلّم أن العدالة انتقائية، و أن الغطاء لا يُرفَع إلا عن الحُفَر، لا عن الرؤوس.

ويبقى السؤال الأخطر معلقًا: من سرق العدالة؟ و من صادر القانون، ليغطي به عورة السلطة؟ 

حين يُكافأ من نهب الحاضر، و يُجرَّم من تعثّر في الهامش، فإن الوطن يتحول إلى مسرحٍ مقلوب، حيث يصفق الجميع للجريمة… إذا كانت أنيقة بما يكفي.

سيدي احمد سيدي حقوقي و ناشط سياسي