رغم الكلمات الأولى التي جاءت في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة “إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب” والتي كانت الدافع الرئيسي لإنشاء الأمم المتحدة عام 1945، التي عانى مؤسسوها من دمار عالمي وحروب، إلا أن نفوذ المنظمة الدولية يتقلص أو ربما ينهار مع الوقت.
فما يحدث في قطاع غزة بمثابة إبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم أجمع وأمام الأمم المتحدة المنظمة الدولية الأم ومظلة القانون الدولي، وأداتها الرئيسية مجلس الأمن، الجهاز الذي تقع على عاتقه المسؤولية الرئيسية، بموجب ميثاقها ،في الحفاظ على صون السلم والأمن الدوليين، فعندما يتم تقديم إليه شكوى تتعلق بخطر يهدد السلام، يتواصل فورا مع أطراف الصراع لحله سلميا، والأهم أن يصل لوقف إطلاق النار في حالة الصراع لمنع انتشار الأعمال العدائية على نطاق أوسع، وهو ما لم يستطع التوصل له في حالة العدوان على غزة والمستمر بأبشع صور العدوان الشامل برا وبحر وجوا ضد مدنيين ومنشآت مدنية لا يجوز استهدافها وقصفها، فيما يعد من جرائم الحرب بموجب القانون الدولي. وفشل مجلس الأمن في اتخاذ أي قرار سواء لإدانة ما يحدث أو طلب وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ووصول المساعدات الآمنة والكافية والامتثال للقانون الدولي الانساني.
والمفترض أن مجلس الأمن يحمي حياة كل المدنيين دون تمييز أو هرمية، ويحقق ويحافظ على السلم والأمن الدولي، لكن اتضح أنه غير قادر على القيام بأبسط مهامه، نتيجة الانقسامات السياسية التي يعانيها مجلس الأمن في حد ذاته ، بين القوى الكبرى، مما جعل دور المنظمة الدولية في تحقيق الأمن والسلم الدوليين يتجه الى عدم اليقين، حتى إن عنوان الجلسة العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023 كان “اعادة الثقة وإحياء التضامن الدولي” مما يعطي دلالة قوية على نقص كليهما ، فلم تقم المنظمة الدولية بردود فعل قوية تجاه الأزمات خلال عام 2023 حتى الآن، والوضع في غزة في ظل القصف المستمر عليها أبشع مثال على عدم جدوى الأمم المتحدة وفشلها في تمرير قرارات ملزمة بشأن تصاعد الوضع في قطاع غزة وما يعانيه من أزمة انسانية خطيرة.
نانيس عبد الرزاق فهمي