في العام 2005 وبينما كنت في نواكشوط لتغطية انقلاب ذلك العام وتداعياته استدعاني شخص نافذ وقالي لي إنه مكلف من قبل العسكريين بالبحث عن صحافي تسند إليه إدارة التلفزيون الوطني فقلت له إني شخصيا لا أصلح لذلك.
استغرب متسائلا عن السبب فشرحت له أن رؤيتي لوظيفة التلفزيون العمومي تختلف بالتأكيد عما يراه العسكريون فهو بالنسبة لي وسيلة إعلام للدولة ممولة بموارد الشعب ولا ينبغي أن يكون بوقا للسلطة وسألته هل تعتقد أني إذا افتتحت نشرة أخبار الثامنة بخبر عن قرية نائية تعاني من العطش قبل أن نورد نشاطات رئيس المجلس العسكري وأعضائه وأعضاء حكومته سيكون ذلك مقبولا بالنسبة لهم؟
قال لا.. وتفهم ردي.
وقبل ثلاث سنوات من الآن عندما كنت في زيارة للبلد استدعاني رجل أعمال كان يحضر لإطلاق قناة تلفزيونية وقال لي إنه يريدني أن أساعده بتولي الإدارة التجارية للقناة فأجبته بأني لا أصلح لذلك وبعد نقاش مطول شكرني على الصراحة والصدق قائلا إنها المرة الأولى التي يقول له شخص إنه لا يصل لتولي وظيفة.
موجبه ما ينشره البعض هذه الأيام من ترشيحات لفلان أو علان من أنه هو الشخص الأفضل لتولي المنصب الفلاني دون علم منه أحيانا وبعلم أو إيعاز منه أحايين أخرى.
في البلدان التي تحترم نفسها يتم عرض الوظائف والمناصب على الأشخاص ويدرسون العرض ليقرروا هل يقبلوه أم يرفضوه لأن الأمر يتعلق بتحمل مسؤوليات بالدرجة الأولى قبل أن يكون استفادة شخصية.
الإعلامي: دد عبد الله