محمد الامين عمران يكتب .. فى الوقت بدل الضائع

اثنين, 05/08/2024 - 20:08

بعد صيام طويل عن الكتابة أعلن كسر هذا الصيام لأن ثمة لحظات تشعر فيها بالحاجة إلى ممارسة فعل "الكتابة" ،حتى وإن كان المكتوب عنه أكبر من الكاتب وليس في وسعه سبر أغواره ،إلا أن الاستئناس بالحديث عنه يعطي للروح شعورا بالاطمئنان حيال قضاء تلك الحاجة/الرغبة أو على الأقل نيل شرف المحاولة.
وعزائي أن فطوري ليس على جرادة، فkaédi رغم مالها من مقاصد ومغريات للكتابة عنها، يبقى هذا الأمر صعبا للغاية.
على مدى ثلاثة أشهر في كنف هذا الحيز الجغرافي الأخاذ يمكنني بحكم خلفيتي" الفيلو سوسيولوجية"-التي تفتقر بدون شك للكثير من الفطنة والذكاء - أن أعطي بعض الملاحظات وذلك أضعف الإيمان.
إن kaédiكما يحلو لساكنيها تسميتها بهذا الاسم ليست وجهة الساسة فحسب إنها ملهمة الشعراء وغاية الانتربولوجي ،و فتنة السوسيولوجين ودهشة الفلاسفة ومرتع الجيوغرافين/الجيولوجين.
هكذا إذن تقرأ كيهيدي من هذه الزوايا كلها، إذ يجد فيها كل مشتغل في أحد هذه المجالات ما يدونه في دفتر اهتماماته دون المساس بنصيب الآخر ، فمن حيث المجال السياسي تشكل هذه الولاية مخزونا انتخابيا لايقل شئنا عن القطب الشرقي (الحوضين..).
أدبيا يعتبر موقع هذه المدينة قصيدة بذاتها صدرها الجبال وعجزها النهر، في حين يتناوب "هاكو" ولبن البقر مشكلان القافية كلما ارتفع منسوب أحدهما على الآخر -حسب الفصول- بينما تفرض "شمامة" نفسها رويا للقصيدة وريا لظمإ المزارعين المتعطشين لمداعبة المناجل في وحل الطين ، ولأن "شمامة" المعطاة  لا ترضي طرفا دون الآخر تُخرج من مسام جلدها الناعم ما يقضي رغبة المنمي حد الإشباع.
والحق أن الناظر في التركبة الإثنية والوشائج الاجتماعية الضاربة في الأصالة والمتجذرة حد التعايش السلمي مجسدة بذلك موريتانيا الحقيقية في صورة مصغرة هي كيهيدي التي يروم الانتربولوجي وتستدعي يقظة السوسيولوجي وتثير دهشة الفيلسوف.
وعلى المستوى الديني تختزل معلمة "كتاكة" تاريخا من الإشعاع العلمي والثقافي تميزت به المنطقة منذ الاستعمار وإلي اليوم.
وفي زحام رائحة الشاي و القهوة و "تشوراي" المصحوبة أحيانا بأغاني "صبر " الصاخبة المنبعثة من أحد الأحياء الشعبية محبي الحياة(تولدة مثلا ) . يراغب الجيوغرافي حالة الطقس الأربعينية نهارا -دائما- الثلاثينية ليلاً في الغالب ، ويأمل في خريف واعد 
بإذن الله .
جدير بالتنويه أن المهمة التي أتاحت لنا فرصة التعرف على هذه المنطقة وبعضا من ساكنيها والمتألفة من جزئين أولهمها الإشراف على مراجعة اللائحة الانتخابية وثانيهما تنظيم ومراقبة العملية الانتخابية التي سارت في جو تنافسي خلف انطباعا بأن البلد ولله الحمد يحقق تقدما في مساره الديمقراطي.
في الوقت نفسه ورغم ما تتميز به هذه الولاية من مقومات زراعية وتنموية لا زالت بحاجة إلي لفتة كريمة من الدولة ،والحقيقة أن لا أحد يماري في الدور الذي يلعبه  الصندوق الوطني لمكافحة الاقصاء والتهميش(تآزر) لكن لا ضير في مضاعفة تلك الجهود وانتشال هذه الولاية التي يمكنها أن تغطي حاجة البلد من المواد الزراعية كما هو الحال مع المجال الرعوي إذاما تم العمل على التوعية بضرورة الحفاظ على الغطاء النباتي.
وعلي سبيل الختام تعتبر هذه الولاية من أكبر الروافد المغذية لاقتصاد للبلد لا سيما إذا وجدت العناية من الدولة للإستفادة القصوى من خيرات هذا الحيز الجغرافي" الغني " بالمفهوم الشامل لهذه الكلمة .