لا يخفى على أي وطني مخلص؛ أن الفساد في موريتانيا لا يقضي فقط على أي أمل في تحقيق أهداف التنمية؛ وإنما أصبح يهدد وجود كيان الدولة الموريتانية في الحاضر وفي المستقبل.
فالفساد المعمم الذي ينخر جسم كيان الدولة الموريتانية منذ عقود؛ قد تجاوز كل الخطوط الحمر؛ حتى شمل كل جوانب الحياة وانهك كل مؤسسات الدولة؛ سواء كانت سيادية أو تنموية أو خدمية.
فالفساد هو سبب الفقر؛ والفساد هو سبب البطالة؛ والفساد هو سبب هروب الشباب عن وطنه إلى المهاجر؛ والفساد هو سبب الجريمة المنظمة التي تنتشر الآن في أنحاء موريتانيا؛ والفساد هو سبب انتشار وتوسع الخطاب الشرائحي أفقيا وعموديا؛ الذي أصبح يهدد النسيج الاجتماعي.
والفساد هو سبب انهيار التعليم وانعدام الخدمات الصحية في البلد؛ والفساد هو سبب تردي خدمات الماء والكهرباء في موريتانيا؛ والفساد هو سبب الفشل في الزراعة؛ والفساد هو سبب عدم استفادة الشعب الموريتاني من الثروة السمكية والمعدنية.
ومع استمرار الفساد؛ سيستمر تردي أوضاع البلد؛ وانعدام أي آفاق للتقدم في أي مجال من مجالات الحياة؛ سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو ثقافيا؛كما سيجعل موريتانيا؛ تبقى تدور في حلقة مفرغة من البؤس والتخلف.
الأمر الذي يحتم على كل وطني مخلص العمل من أجل إصلاح أوضاع البلد المتردية على كافة الاصعدة .
وأضعف الإيمان كما يقال، هو الإنحياز وتبني أي مبادرة تسعى للإصلاح في موريتانيا؛ خاصة إذا كانت تعمل على محاربة الفساد والمفسدين.
وفي السنة الأخيرة تأسست في موريتانيا منظمة غير حكومة تدعى : (منظمة الشفافية الشاملة )؛ تتبنى في أهدافها: العمل من أجل الشفافية في الحياة العامة ومحاربة كل أنواع الفساد؛ وتجسيدا لرسالتها المسطرة في أهدافها؛ أصدرت في الفترة الأخيرة تقريرا؛ يكشف بعض مظاهر الفساد في بعض مؤسسات الدولة؛ ومهما كانت الثغرات التي شابت ذلك التقرير؛ فالواجب الوطني يقتضي؛ دعم تلك المنظمة وتشجيع توجهها .
لكن كانت المفاجأة؛ قيام البعض بالتشكيك في نوايا القائمين على تلك المنظمة؛ في حين أن القاعدة؛ تقول : ( أن الأصل في الأشياء البراءة ما لم يثبت العكس)؛ وأكثر من ذلك؛ إطلاق حملة تدين وتشكك في مضامين تقريرها؛ بما يوحي الإنحياز للفساد والمفسدين؛ لأنه ببساطة؛ عدم دعم (منظمة الشفافية الشاملة) وتبني تقاريرها؛ قد يفهم منه دعم الفساد والمفسدين؛ في حين أن الواجب الوطني؛ يقتضي دعم أي جهد مهما كان متواضعا؛ يحمل شعار الشفافية في الحياة العمومية بموريتانيا ويتبى محاربة الفساد .
في الخلاصة
ينبغي لجميع الخيرين في موريتانيا؛ العمل على محاربة الفساد؛ لما أصبح يشكله من خطر على حاضرها ومستقبلها؛ وعلى الجميع كذلك أن يدرك أن انهيار موريتانيا سيصيب الكل بالضرر؛ سواء كانوا ضد الفساد أو كانوا معه ؟