مرافعة العدالة.. قراءة في كلمة سمو الشيخة موزة في ختام منتدى الدوحة 2025

اثنين, 08/12/2025 - 14:27

جاء منتدى الدوحة 2025 ليؤكد مرة أخرى صلابة الحضور القطري في ساحات الدبلوماسية الدولية. فقد تميّز الحدث بتنوع غير مسبوق في مستويات التمثيل الدولي والإقليمي والقاري، وبمساحة واسعة من الحوار البنّاء بين الفاعلين من مختلف الاتجاهات.
وقد شكّل المنتدى شاهدًا جديدًا على قدرة قطر على استعادة موقعها الذي رسخته سابقًا بجهودها الهادئة ورؤيتها المتوازنة، وعلى تجديد أواصر الأخوّة والتواصل مع مختلف الشركاء حول العالم.

الحدث الأبرز: كلمة سمو الشيخة موزة

ورغم ثراء الجلسات وتعدد المحاور، بقيت كلمة سمو الشيخة موزة بنت ناصر في الجلسة الختامية هي اللحظة الأكثر رسوخًا وتأثيرًا.
بالنسبة لكل امرأة تبحث عن حضورها في مواقع التأثير، كانت هذه الكلمة إعلانًا واضحًا بأن المرأة قادرة على أن تكون صوتًا للفكر والضمير، وشريكًا في صناعة القرار الإنساني.

اختارت سموها موضوعًا بالغ العمق: العدالة.
واختيار العدالة في هذا التوقيت تحديدًا  لم يكن خيارًا عرضيًا، بل خطوة مدروسة أرادت بها أن تضع العالم أمام مرآته الأخلاقية _ في وقت تزداد فيه الحاجة إلى خطاب يعيد الإنسان إلى مركز الاهتمام.

لغة تحمل الفكر… وفكر يحمل المبدأ

بدأت سموها كلمتها بتساؤل جوهري حول صدقية الاستخدام اللفظي لمفهوم العدالة، في مقابل الغياب الصادم لتطبيقاتها الواقعية.
وقد تناولت هذا المحور بلغة شعرية متزنة، مشبعة بالصور والمعاني، تعكس عمق ثقافتها وتمسكها بهويتها الفكرية والإنسانية.
لم تكن كلماتها مجرد جمل منمقة، بل جذور ممتدة من قناعة صادقة وإيمان ثابت بما تقول.

مرافعة على منصة دولية

ما قدمته سمو الشيخة موزة لم يكن خطابًا بروتوكوليًا، بل مرافعة متكاملة الأركان.
واجهت فيها قصور النظام العالمي عن تقديم حلول فعلية للتحديات التي تعصف بالإنسانية، وأشارت بصراحة إلى أن العدالة في كثير من المؤسسات الدولية باتت تعهدات تُكتب لتُنسى، وتُصاغ كي لا تُنفذ.

تحدثت سموها عن التطبيق الانتقائي للعدالة، حيث تُمنح الحقوق لبعض الشعوب وتُحجب عن أخرى، لا على أساس إنساني أو أخلاقي، بل وفقًا لمعادلات القوة والمصالح.
كما تطرقت إلى غياب العدالة في مناطق يتصاعد فيها الظلم، بينما يبقى العالم مترددًا أو صامتًا أمام صرخات المستضعفين.

الخلاصة الأخلاقية للمنتدى

استطاعت سمو الشيخة موزة أن تجعل من كلمتها ضمير المنتدى.
فقد حوّلت العدالة من مفهوم نظري إلى نقد مباشر للبنية العالمية التي تزعم الدفاع عنها. وأثبتت أن الكلمة  حين تكون صادقة وقوية  يمكن أن تفتح أبوابًا مغلقة، وتحرك مياهًا راكدة.

لقد أكدت سموّها أن دور المرأة ليس هامشيًا ولا رمزيًا؛ بل يمكن أن يكون دورًا قياديًا يتصدر المنابر ويؤثر في السياسات، ويعيد لقيم العدالة مكانتها الطبيعية في الوعي العالمي.
ختاما....
كان ظهور سمو الشيخة موزة في ختام منتدى الدوحة 2025 أكثر من مجرد مشاركة؛ كان موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا ودبلوماسيًا من الطراز الرفيع.
مرافعة عززت مكانة قطر، ورفعت سقف التوقعات من العالم، وأعادت فتح النقاش حول الدور الحقيقي للعدالة في بناء مستقبل إنساني آمن وعادل.

 

بقلم الإعلامية: أم كلثوم محمد المصطفى