
منذ الاستقلال، تعاقب على حكم بلادنا أحد عشر رئيسًا خلال خمسةٍ وستين عامًا. وما يزال الجيل الذي عاش تلك اللحظة التاريخية الأولى يتذكّر المطالب ذاتها: ضعف البنية التحتية، ونقص ضروريات الحياة المعاصرة. كما يتجدد النقد للواقع، مهما تغيّرت أساليب الحكم وتبدلت الوجوه الحاكمة.
فماذا تغيّر فعلاً؟
لقد ازداد عدد حملة الشهادات، لكن روح المواطنة تراجعت. وتشرذمت القوى التقليدية والحديثة معًا، فيما كثرت الارتباطات بالخارج تحت تأثير عولمة جارفة وممنهجة لم يسلم منها شيء: محاولات لطمس ملامح الهوية الحضارية والثقافية، ومسّ طال حتى الدين، الذي استُخدم أحيانًا خارج سياقه الجامع.
تعزّز التطلع إلى الديمقراطية، لكنها تحولت، في فترات معينة، إلى أداة ظرفية تُوظَّف حسب الحاجة. وتحرّر الإعلام، لكنه أسيء استخدامه لخدمة مصالح شخصية وفئوية وانتقائية. أما الحكومات، فكثيرًا ما احتمت بالأرقام الإحصائية، وربما زيّفت بعضها، طلبًا لفترة سماح سياسية أو اقتصادية، في حين ظل المواطن الموريتاني واقفًا ينتظر من يقيه فتن الجوار القريب جدًّا والبعيد.
ومع ذلك، يبقى في النفس قدر من التفاؤل. فما دامت الضمائر حيّة، فإن الاحتفاء السنوي باستقلالنا يظل مناسبة تُنعش الروح الوطنية، وتذكّرنا بأن النهضة الحقيقية غالبًا ما تبدأ بعد فترات الانحطاط. فلنعترف أننا مررنا بمرحلة انحطاط، ولنؤمن أننا ندخل اليوم مرحلة جديدة من النهضة والنماء، تقف في وجه الشعبوية، وتؤمن بوزن الشعب الحقيقي وبأهمية العمل على وحدته ولحمته.
عاشت موريتانيا مستقلة.
إدوم عبدي اجيد
https://chinguitel.mr/.gif)