
منذ قدوم معالي رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، و في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، تميزت الدبلوماسية الإسبانية عن بقية دول الاتحاد الاوروبي بمحافظتها على علاقاتها الدولية متوازنة، وبموازاة سياسات الاتحاد الأوروبي، حيث تتمتع بعلاقات سياسية ودبلوماسية متميزة مع أغلب دول العالم خاصة القارة الافريقية والعربية وبالأخص شمال غرب إفريقيا ودول الاتحاد المغاربي.
وبعد تسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد السلطة شكّلت علاقات إسبانيا مع الجمهورية الإسلامية الموريتانية نموذجا خاصا، من خلال تبادل الزيارات بين فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني والسيدة الأولى الدكتورة مريم منت الداه و ملك إسبانيا فليب السادس وحرمه الملكة لتيزيا أورتيز، كما شملت تبادل عدت زيارات بين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.
وتربط موريتانيا والمملكة الإسبانية في إطار التعاون عدت اتفاقيات استراتجية تشمل النقل العمومي، والطاقة المتجددة، التعليم و التكوين ، البني التحتية ، الصيد البحري، المياه ، والسياحة وكذلك اتفاق مهم في مجال الهجرة غير الشرعية والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب إضافة إلى مجالات أخرى.
ويدخل هذا التعاون التنموي في إطار سياسات المملكة الاسبانية الهادفة إلى تعزيز شراكة استراتجية متوازنة ومستدامة بين إسبانيا والدول الافريقية والعربية والإسلامية وتتمثل هذه الأهداف في تعزيز الاتصال الاقتصادي بين الأطراف عبر تطوير قنوات التجارة والاستثمار، مما يفتح أفاقا جديدة للتعاون في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار الثنائي في قطاعات البنية التحتية، مع التركيز على مشاريع البناء وتحلية المياه والصناعات الدوائية سعيا لدعم التنمية الاقتصادية مع شركائها وتعزيز فرص الآعمال
كما تركز إسبانيا في سياساتها على الجانب الأمني ومكافحة الإرهاب باعتبارها من المشاكل الكبرى التي يواجهها العالم، ما يتطلب تنسيقا وثيقا بين إسبانيا وشركائها في التنمية لضمان الاستقرار والتنمية المستدامة، كما تدعم الاستراتجية الإسبانية مشاريع النقل والطاقة لتعزيز الربط مع شركائها في القارة السمراء والعالم العربي.
ويدعم هذا التوجه دبلوماسيّة هادئة ورزينة مبنية على أسس التعاون والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول
إضافة إلى مواقفها الثابتة والمشرفة من القضايا الدولية العادلة مثل القضية الفلسطينة وغيرها من القضايا التي تضمنتها قرارات الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة والمعتمدة في مجال القانون الدولي.
كما برهنت في العديد منّ المناسبات باستقلالية مواقفها وعدم المساومة عليها وكان آخرها ما حدث خلال إجتماع الاتحاد
الاوروبي المنعقد في لاهاي في 24 يونيو 2025 و الذي تجاوز فيه الرئيس الأمريكي أتراب قادة الاتحاد الاروبي بدون سابق إنذار بطلب رفع سقف مساهماتهم العسكرية في منظمة حلف الشمال الأطلسي ( الناتو ) إلى 5% من دخلهم ، حيث كانت إسبانيا بواسطة رئيس وزراء القائد الشجاع بيدرو سانشيز، وهو الوحيد الذي رفض المقترح واعتبره تجاوزا على سيادة بلده مضيفا أن إسبانيا هي الأدرى بمعرفة أولوياتها وما يجب أن تقوم به بالنسبة لمساهمتها العسكرية في الحلف .
وفي ذات السيّاق تصدّر خطاب رئيس الوزراء الإسباني في الاجتماع المنظم من طرف فرنسا والمملكة السعودية المتعلق بحلّ الدولتين حيث عبّر عن اعتراف المملكة الاسبانية بدولة فلسطين مطالبا بعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة كسائر الدول، وأضاف أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يلبي القرارات الدولية و واجب تمليه الكرامة الإنسانية، كما طالب بتوقيف الحرب دون شرط، ووقف قتل النساء والأطفال والشيوخ والمرضى وفتح معابر المساعدة من أجل إنقاذ الشعب المُحاصر برا وجواً وبحراً بالإضافة إلى سياسة التجويع الذي يقوم بيها الكيان الصهيوني.
وفي إطار سياسة التعاون مع الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية تكاد إسبانيا تكون البلد الوحيد الأوروبي الذي يستقبل آلاف المهاجرين من الأفارقة والعرب طبقا لقوانين الهجرة ومبادئ حقوق الانسان، حيث توفر لهم ظروف السكن والتكوين والإقامة والعمل مع المساعدات الإنسانية والاجتماعية التي تتطلب المرحلة ما قبل استكمال إجراءاتهم الإدارية ، وإدماجها في المجتمع بطريقة إنسانية و منظمة وسلسة كذلك، في الوقت الذي تتم مطاردتهم في أغلب الدول الأوروبية الذي كان من المفترض أن تستقبلهم.
_____________
محمد ولد كربالي/ عضو المجلس الوطني لحزب الإنصاف