نائب سابق يكتب..نصف الحكومة الموريتانيه يأخذ عطلته السنوية..غياب الدولة في ذروة الحاجة!

أحد, 03/08/2025 - 15:45

بينما تغلي البلاد تحت وطأة أزمات خانقة: العطش، انعدام الكهرباء، ارتفاع الأسعار، تدهور الخدمات، وتفاقم البطالة، يتسلل الوزراء ومسؤولو الصف الأول في الوزارات إلى المنتزهات والفنادق الفاخرة في الداخل والخارج، معلنين – بصمت وعدم مبالاة – عن عطلتهم السنوية الرسمية لعام 2025.
نصف الحكومة يغادر المشهد، وكأن الأوضاع تحت السيطرة، وكأن المواطن ينعم برفاهٍ لا مثيل له، وكأن البلاد ليست بحاجة إلى إدارة يقظة واستجابة سريعة.

عُطلة أم هروب من المسؤولية؟

حين يختار وزير الكهرباء او المياه – مثلاً – مغادرة البلاد في خضم نقص كبير في الكهرباء و أزمة عطش تضرب أطراف العاصمة نواكشوط ووسطها، فهذه ليست عطلة، بل استهزاء سافر بالشعب. وحين يُجمّد العمل في وزارات حيوية مثل الصحة والتعليم والتجهيز والنقل بسبب غياب كبار مسؤوليها، فإن ما نراه ليس جدول إجازات عادياً، بل تعطيل ممنهج لعجلة الدولة في وقت حرج.

من يحكم البلد إذًا؟

إن غياب نصف الحكومة في عطلة رسمية لا يترك فراغاً إدارياً فحسب، بل يفتح الباب أمام مزيد من الارتجال واللامسؤولية. فهل ننتظر من الامناء العامين للوزارات – الذين لم يُعيّن معظمهم على أساس الكفاءة – أن يتخذوا قرارات حاسمة في غياب وزرائهم؟ أم هل نُعوّل على “التسيير بالهاتف” من على شواطئ نيس ومرتفعات أوروبا او من الحرم المكي او منتجعات ومنتزهات وفنادق الداخل، في وقت تتطلب فيه مشاكلنا وجوداً ميدانياً لا صوراً في الإنستغرام؟

رفاهية حكومية… وشقاء شعبي

من المفارقات المؤلمة أن المواطنين يتزاحمون أمام صهاريج المياه في الأحياء الشعبية، ويصطفون في طوابير لا تنتهي في المراكز الصحية، بينما يتباهى بعض الوزراء على شبكات التواصل بصورهم في المنتجعات والمنتزهات الوطنية والدولية. أين هي أخلاقيات الخدمة العامة؟ بل أين هو الضمير الوطني الذي يفرض تأجيل الترف حين تكون البلاد في أزمة؟

دعوة إلى المحاسبة

إن على البرلمان، والمجتمع المدني، والسلطة الرقابية، ووسائل الإعلام، أن تطالب بكشف علني عن قائمة المسؤولين الذين غادروا البلاد خلال يوليو وأغسطس 2025، ومهامهم التي جُمّدت بغيابهم. فلا يجوز أن تستمر هذه العادة السيئة: عطلة جماعية تتزامن مع ذروة المعاناة الشعبية!

في الختام، لا مشكلة في أن يأخذ المسؤولون عطلتهم مثل سائر البشر، لكن المشكلة الكبرى أن يأخذوها جماعياً، في وقت يحتاج فيه البلد إلى كل يد وكل عقل وكل قرار. فالوطن لا يأخذ عطلة، ولا المواطن يستطيع إغلاق ثلاجته ومشكلاته لشهر كامل. فإلى متى يُترك البلد للمجهول كل صيف؟ ومتى يفهم بعض المسؤولين أن القيادة مسؤولية مستمرة، لا وظيفة موسمية؟.
النائب السابق محمد فال عيسى