
لقد تجاوز بعض النواب ممّن يطلقون على أنفسهم “نواب المعارضة” كل الخطوط الحمراء، مستغلين مواقعهم داخل قبة البرلمان للهجوم المباشر على ثوابت المجتمع الدينية والأخلاقية والوطنية. هؤلاء النواب، وقد أدركوا أن اختراق البنية الاجتماعية لا يتحقق إلا عبر تقويض القيم والعقيدة والعادات، اتخذوا من الاستفزاز وسيلة، فهاجموا العلماء والأئمة، وحرقوا كتب السيرة النبوية، وتحدّوا علناً مؤسسات الدولة وقوانينها، في مشهد صادم للمواطن البسيط، الذي بات يراهم فوق القانون وفوق الدولة.
ويعلم هؤلاء النواب جيداً أن هذا السلوك سيجد صدى إيجابياً في بعض دوائر الغرب المعادي للدين الإسلامي، وهو ما جعلهم محل ترحيب في منابر مشبوهة ومنظمات صهيونية، تقود حملات عدائية ضد الإسلام والعرب. لقد غذت مواقفهم شعورًا سلبيًا لدى الشباب الهشّ والضحايا السابقين للغبن ، وفتحت الباب أمام التطرف السياسي والانتهازية الموجهة، مستغلة بذلك أطرافًا معروفة مثل حركة “إيرا”، وبقايا “أفلام”، ومنسقي العشرية، الذين يعملون منذ السنوات الأخيرة على ضرب استقرار البلاد من خلال تمويل وتأجيج حملات التشويه والاحتقان.
وزاد الأمر سوءًا حين وجد هؤلاء النواب في ظاهرة الهجرة غير الشرعية ساحة جديدة للمزايدة السياسية، فبدلاً من الدفاع عن أمن الوطن وحدوده، تبنّوا روايات المهاجرين غير الشرعيين، وغضّوا الطرف عن التحديات الأمنية والاجتماعية المرتبطة بها، حتى أن حركة “أفلام” اعتبرتهم امتدادًا طبيعياً لها.
كما أسسوا بيئة مناسبة للانحراف والجريمة، من خلال التغاضي عن نشاط منظمات مشبوهة تروج للهلوسة والمخدرات والخمور، وتستقطب الشباب العاطل والضائع، في محاولة لصناعة جيل يسير في فلكهم.
وفي ظلّ هذا الواقع المعقّد، وما يشهده العالم من تحولات أمنية واقتصادية، ومع ما تحققه بلادنا من إنجازات على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بفضل قيادتنا الرشيدة وكفاءة أجهزتنا الأمنية ، فإن الحاجة أصبحت ملحة لوضع استراتيجية وطنية شاملة تتعامل مع هذه التحديات ، بتوازن مع مستقبل بلدنا المشرق
ويجب أن يكون الحوار الوطني القادم محطة مفصلية لترسيخ هذا التوجه، عبر إقصاء الفاسدين و المفسدين والانتهازيين والمتاجرين بهموم المواطنين من الساحة السياسية والإعلامية، والبدء في مسار جاد من أجل تجديد الطبقة السياسية وضمان قطيعة حقيقية مع ثقافة الاسترزاق والابتزاز والتلاعب بمصلحة الأمة.
_____________
الناشط السياسي
ذ/ محمد سالم ولد احمد