ولد سيدى ميله يكتب .. كان قلب الشيخ مثل بيته ..

جمعة, 07/03/2025 - 19:58

كان اللقاء الأخير، مع صديقي الشيخ عبد العزيز، بمحض الصدفة. كنا واقفيْن نتبادل التحايا، فأهداني، أثناء "السلام"، كتابَ "بذل الوسع في المسائل التسع". كانت تلك أول نسخة تتسرب من آخر طبعة من كتاب جده الشيخ سعدبوه ولد الشيخ محمد فاضل. كنت، إذن، أول من حصل على نسخة من العشرة آلاف كتاب الواصلة للتو. لم يكن لي بد من تقدير هذه الهدية العظيمة.
***
لا شك أنه ثمة طرق عديدة للتعبير عن الامتنان، وإن مالت كفة الميزان في أيامنا هذه إلى أن كل امتنان تزلف. لا عليّ من ألسنة القوّالين. فالأمر يتعلق، أولا، بصديق قديم، كما يتعلق، ثانيا، بكتاب مهم لعالم رباني وازن.
***
كانت بداية التسعينات قمة الوصل ضمن علاقة وطيدة ربطتني بالشيخ عبد العزيز ولد الشيخ آياه مع شلة من الأصدقاء الموهوبين في مجاليْ الأدب والدعابة. كانت سمرياتنا تكاد لا تتوقف إلا وَهْناً من الليل.. شِعْرٌ وتاريخ وقصص اجتماعية ولهو ومُلَح وشاي بعد شاي. جو مفعم بالراحة النفسية رغم ضيق ذات اليد. كان قلب الشيخ، مثل بيته، مفتوحا لزمرتنا، كما كانت أم أولاده الكبار، السيدة فاطمة بنت اكليب، تغمر الجميع ببشاشتها ونَعْمائها.. ثم "مضى كل إلى غايته".. فكان الفراق، وتناءى الجَمْع. وتحكمت الظروف والمصائر في زمام الشلة.. ومع السنين، تقطع حبل الوصل. غير أننا، بحكم الوشائج، كنا مؤمنين بأنه "ربما تجمعنا أقدارنا/ ذات يوم بعدما عزّ اللقاء". واليوم، بعد ما يقارب ثلاثين سنة، تعود تلك اللقاءات، متقطعة وبطيئة، مع ما استجد من غيابات وكهولة وإكراهات تقتضيها الخلافة وبروتوكولاتها.  
***
كانت الهدية عبارة عن كتاب تضمن رد الشيخ سعدبوه ولد الشيخ محمد فاضل على تسعة مآخذ لشخص مُنكِر "يُنسب للعلم" حسب تعبير الشيخ. كانت ردود العلامة الصوفي شافية، لا يستطيع تقييمها مثلي، وبالتالي، فالأولى بي أن أتناول الشكل. فالكتاب يقع في 182 صفحة، وقد حققه، فأتقن تحقيقه، الشيخ محمد سعدبوه الملقب الوالد ولد ابّاتنا. وتضمنت عناوين الكتاب: ترجمةَ المؤلف، ونسبَه، وشيوخه، ورحلاته، وزوجاته، وأبناءه، وتلامذته، ومكانته العلمية، وفتاويه، ثم الرد على المآخذ، واحدا واحدا.
***
مهما يكن، فإنني أرجو لصديقي الشيخ عبد العزيز كل التوفيق في تسيير مشيخته، كما أرجو للشلة لقاءات أوفر، ودعابات أعذب، وشَعَرًا أقل صباغة ولمعانا.
 محمد فال ولد سيدي ميله ( بدال)