مهرجان شنقيط نافذة وطنية ودولية لإظهار قيمة تراثنا الوطني وتعزيز هويتنا الثقافية.
تعد مهرجانات مدننا التاريخية من أبرز الفعاليات الثقافية التي تحتضنها موريتانيا، وقد كانت المكونة الثقافية خلال النسخة الثالثة عشرة من مهرجان شنقيط لوحة تشكيلية أعادت رسم صورة شنقيط بتراثها ومخطوطاتها وأعلامها. تُعتبر شنقيط رمزًا للحضارة الإسلامية في غرب إفريقيا، فقد شكلت في الماضي منارة علم وإشعاع تجاوزت سمعتها حدود الوطن والقارة وأعطت لبلادنا هويتها التي عرفت بها. فمهرجان شنقيط ليس مجرد مهرجان محلي، بل هو نافذة وطنية ودولية لإبراز قيمة التراث الموريتاني الغني، وتعزيز الهوية الثقافية، ودعم السياحة والتنمية المستدامة في البلاد.
يمثل المهرجان فرصة لإحياء التراث الثقافي والتاريخي الذي صنع هوية موريتانيا من خلال تسليط الضوء على المخطوطات النادرة و الحرف اليدوية التقليدية، والفنون الشعبية، وهو مناسبة لتذكير الأجيال الجديدة بجذورهم الثقافية العميقة ودورها في تشكيل تاريخ البلاد، كما يعزز المهرجان من الشعور بالانتماء الوطني، حيث يجتمع الموريتانيون من مختلف المناطق للتعبير عن فخرهم بتراثهم المشترك.
مدينة شنقيط ليست مجرد قرية في قلب الصحراء، بل هي أحد أعمدة الحضارة الإسلامية في منطقة الصحراء الكبرى. كان لهذه المدينة دور محوري في نشر العلم والدين الإسلامي، حيث اشتهرت بمدارسها ومكتباتها التي احتوت على مخطوطات نادرة. المهرجان يحيي هذه المكانة من خلال تقديم معارض ثقافية تسلط الضوء على تاريخ المدينة، بالإضافة إلى تنظيم ورش عمل تُبرز الحرف التقليدية التي كانت تُمارس منذ قرون.
يمثل المهرجان عنصر جذب للسياحة الثقافية، حيث يجذب الزوار من داخل وخارج موريتانيا. يمنح السياح فرصة للتعرف على معالم شنقيط التاريخية، مثل المكتبات القديمة والمساجد العريقة، واستكشاف حياة السكان المحليين. هذا التفاعل بين الثقافات يسهم في تعزيز صورة موريتانيا كوجهة سياحية تزخر بالتاريخ والتراث.
جمع مهرجان شنقيط بين شخصيات ثقافية وفنية من مختلف أنحاء العالم، مما يجعله منصة للحوار الثقافي. الندوات والمحاضرات التي عقدت خلال المهرجان (35 محاضرة ) كانت فرصة لمناقشة قضايا التراث الثقافي، المحافظة على المخطوطات، ودور المدن التاريخية في تشكيل الهوية الثقافية لشعبنا.
كما يلعب المهرجان دورًا محوريًا في تنشيط الاقتصاد المحلي. مع تدفق السياح والزوار، تزدهر الأعمال التجارية في المدينة، بدءًا من الحرف اليدوية وصولًا إلى الخدمات السياحية. كما يوفر المهرجان فرص عمل مؤقتة للسكان المحليين، مما يسهم في تحسين مستوى المعيشة ودعم التنمية المستدامة في المنطقة.
من خلال التغطية الإعلامية والمشاركات الدولية، يسهم المهرجان في تعزيز صورة موريتانيا كدولة غنية بالتراث الثقافي والحضاري.
إن أهمية مهرجان شنقيط تتجاوز كونه حدثًا ثقافيًا، فهو جسر يربط بين الماضي والحاضر، وأداة لتعزيز الهوية الوطنية والتنمية المحلية. من خلال هذا المهرجان، تؤكد موريتانيا التزامها بالحفاظ على تراثها الثقافي ومشاركته مع العالم، مما يجعل مهرجان شنقيط ليس فقط احتفالًا بالثقافة، بل رسالة عالمية بأن التراث هو جزء لا يتجزأ من مستقبل الشعوب.
شكرا لسكان شنقيط على كرم الضيافة الذي أشاد به زوار شنقيط.
وشكرًا لوزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان على الدعوة للمشاركة في المكونة الثقافية للمهرجان.
حفظ الله بلادنا آمنة مستقرة.
المصطفى افاتي