تحل اليوم - الاثنين 28 نونبر 2022 - الذكرى 62 لاستقلالنا الوطني وهو الحدث الأبرز في تاريخنا المعاصر، في وقت تقف فيه موريتانيا صامدة أمام تحديات العالم والإقليم الملتهب شرقا، والمتوتر شمالا،
والمتأرجح جنوبا.
بهذه المناسبة وجه فخامة رئيس الجمهورية مساء أمس خطابا إلى الشعب الموريتاني تمشيا مع تقليد عهدناه في عهد الرئيس المؤسس، المختار ولد داداه، رحمه الله
حتى لو علمت أن 3 موريتانيين من أصل 3 يعتبرون أن أي شيء غير النقد اللاذع ولعن ما تقوم به الدولة يعني النفاق والتملق، فلا يسعني إلاّ أن أعبر عن رأيي في هذا الخطاب.
تضمن الخطاب 6 رسائل، تدور في معظمها حول الاعتزاز بالوطن وأمنه واستقراره ووحدة شعبه، ومحاربة الفوارق الاجتماعية ومظاهر الظلم والإقصاء، والجهود المبذولة لصالح الفئات الأقل حظا.
* الرسالة الأولى: استحضار الحدث العظيم للاستقلال الوطني
يعجبني المسؤول - أي مسؤول - عندما يخاطب شعبه بكلمات مثل: شعبي العزيز، شعبي العظيم، شعبي البطل..كلمات تفوح عبيرا وعطرا واعتزازا وفخرا بالانتماء إلى شعب وإلى وطن. ولذلك، أعجبت بقول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني:
"إن الحدث الذي نخلد ذكراه غدا يشكل، في آن واحد، تتويجا لمسار مضيء من المقاومة، بالكفاح المسلح، والنضال الفكري وتأسيسا لمسار جديد، لبناء الدولة الموريتانية الحديثة.
ثم تحدث عن أبطال المقاومة المسلحة والفكرية، وقال: "وإن احتفاءنا اليوم، هو في الأساس، احتفاء بهم، وبما تبعثه ذكراهم في النفوس، من عميق الإحساس بعزة الوطن، واستحقاقه صادق الولاء، وعظيم التضحيات".
هذه الرسالة تكرس وتجسد قيم الوفاء للذاكرة الجمعية، وتشكل استحضارا لأرواح الشهداء وشرفاء الوطن المدافعين عن حريته وسيادته. وهي كذلك دعوة عامة لمواصلة السير قدما على درب الحرية والاستقلال، ورؤية صحيحة لعملية البناء القائم على تضافر الجهود وتراكم التجارب والإنجازات عبر الأجيال.
قال بالحرف الواحد: "أتوجه بذات التحية، إلى كل الأجيال، التي تعاقبت على تأسيس، وتشييد، الدولة الموريتانية الحديثة".
الرسالة الثانية: الأصالة والتشبث بالموروث الديني والثقافي
يبقى ديننا الحنيف هو الأساس الأول لوحدتنا وانسجام مجتمعنا بصهره تنوعنا الثقافي الثري في وحدة إيمانية جامعة. ولذا عملنا على ترقية كل ما من شأنه أن يرسخ، أكثر، قيم ومبادئ الدين الإسلامي.
وفي هذا السياق تم اكتتاب مئات الأئمة، واعتماد مئات المحاظر النموذجية، وتم إطلاق جائزة حفظ القرءان الكريم وفهم المتون الفقهية، وإطلاق المحظرة الشنقيطية الكبرى بأكجوجت، وإنشاء دار للمصحف الشريف،
* الرسالة الثالثة: جدية العمل على تعزيز الوحدة الوطنية.
شكل الخطاب تأكيدا على استمرار نهج الحوار والانفتاح والتهدئة والعدالة التوزيعية والتكافل الاجتماعي.
ومما استوقفني في عشرات الأرقام التي وردت في الخطاب، الأرقام التالية:
- زيادة الرواتب لصالح جميع الموظفين والوكلاء العقدويين للدولة المدنيين والعسكريين.
- ورفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، وزيادة الإعانات العائلية المدفوعة من قبل نظام الضمان الاجتماعي بنسبة 66 %.
- التأمين الصحي الشامل لصالح 100.000 أسرة،
• اكتتاب 8.000 مدرس ما بين معلم واستاذ ومفتش؛ وتخصيص 20 مليار أوقية للمدرسة الجمهورية وافتتاح برنامج واسع للكفالات المدرسية.
* الرسالة الرابعة: إشراك الشباب والنساء في تسيير الشأن العام
وجه الرئيس رسالة واضحة للشباب عندما قال: وينطوي حرصنا على الانفتاح والتشاور، على رغبة صادقة منا بإشراك الجميع في الشأن العام". و استعرض أهم الإجراءات التي اتخذت في سبيل تعزيز حضور الشباب والنساء في مراكز القرار، وتدبير الشأن العام.
- الرسالة الخامسة: دبلوماسية ناجعة في كسب رهان سيادة القرار
أشار فخامة الرئيس إلى ذلك عندما قال: "و حصاناها بسياسة خارجية نشطة، ذات حضور دولي وإقليمي بارز، ترعى مصالح الدولة ورعاياها في الخارج، وتنتهج حسن الجوار وعلاقات الصداقة والتعاون والدفاع عن القضايا العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين المحتلة.
* الرسالة السادسة: التواضع وزرع الأمل وعدم المبالغة في القول.
أعجبني قوله: "صحيح، أن هذا البناء، لم يبلغ بعد تمامه ولا يمكنه ذلك، في سنتين أو ثلاث، لكن صحيح كذلك، أنا أحرزنا، في سبيل تشييده تقدما معتبرا". وأضاف: "إننا لمدركون تماما، مدى تأثركم بالانعكاسات السلبية لمختلف الأزمات التي تجتاح العالم. وإننا لم ولن ندخر جهدا في سبيل تخفيف وطأتها عليكم"،
واختتم الخطاب بوعد والتزام: إننا بحول الله وقوته، سنجتاز كل الأزمات الدولية الراهنة ونحن أكثر قوة وأقوى عزيمة على استكمال بناء الوطن الذي ننشده جميعا، وطن الأمن، والحرية، والنماء، وطن الشرف، والإخاء، والعدل.