نظم بيت الشعر نواكشوط اليوم الخميس، 21 يوليو 2022، بقاعة النشاطات، ندوةً فكرية تناولت "دور المدن التاريخية في تأسيس الثقافة الشنقيطية"؛ وذلك في إطار سلسلته "مقاربات نقدية"، حاضر فيها كل من: الدكتور محمد الامين حمادي، الدكتور محمد يحي باباه، و الباحث محمد سالم زيد.
بدأت الندوة بكلمة للدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر قدم فيها المحاضرين، ووقف عند موضوع الندوة مبينا الدور المحوري للمدن القديمة في تأسيس الثقافة الشنقيطية وحملها إلى الآفاق؛ قبل أن يحيل الكلام إلى المحاضرين الثلاثة تباعاً.
أول المتدخلين كان الكتور محمد يحي باباه، الحاصل على دكتوراه دولة في الفكر الإسلامي من جامعة الشيخ آنتا جوب، الذي قدم محاضرة تحت عنوان "سمات النثر في العهد المرابطي.. قراءة في نصوص الإمام الحضرمي المرادي" معتمدا في عرضه على "منهجية تكاملية بين الفلسفة و الإبداع الأدبي، المعتمد على المقاربات السميائية والسيكولوجية المعاصرة والتأولية العامة لما تحيل إليه دلالات الفعل الثقافي النثري الإبداعي الشنقيطي في القرن الخامس الهجري" ومقدما على امتداد محاضرته "حلقة منحلقات الإبداع الفكري في الربوع الشنقيطية، تتعلق في المقام الأول بالمقاربات الفنية والرمزية الفكرية للخطاب الأدبي بوصفه شكلا من أشكال التعبير الثقافي للإنسان عن مجمل عواطفه و أفكاره و خواطره و هواجسه، و ذلك بطبيعة الحال عبر أرقى الوسائل الكتابية التي تتنوع بين الكلام المقفى الذي نصطلح عليه بالشعر والمنثور بتفريعاته المعروفة كالخطابة والرواية والقصه والخاطرة والمقالة والكتابة الفكرية"
بعد ذلك أحيل الكلام إلى الدكتور محمد الأمين حمادي الحاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون، وتمحورت مداخلته حول موضوع "مساهمة علماء ولاته في إثراء الثقافة الشنقيطية"، تناول من خلالها إسهام علماء مدينة ولاته في نشر الثقافة العربية الإسلامية في منطقة الساحل والصحراء، مركزا على خصائص الثقافة في مدينة ولاته وتجليات الطابع الولاتي في تلك الثقافة مضيفا أن "عبقرية الإنسان الولاتي تتجلى بما يتناسب مع المحيط الذي يعيش فيه، ولعل ذلك ما أسهم في صمود التقاليد العلمية والثقافية الولاتية رغم التحديات التي واجهتها"؛ متطرقا إلى محاولة رصد "دور ولاته في تأسيس الثقافة الشنقيطية أو تأثيرها فيها، معتمدا في ذلك على سلاسل انتقال المعارف والعلوم بواسطة الأسانيد والإجازات".
آخر المتدخلين كان الأستاذ محمد سالم زيد، الباحث في مكونة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة نواكشوط، وركزت مداخلته على محور "المدن القديمة: سياقات النشأة والأدوار الثقافية"، وقد تجول في محاضرته بين المدن التاريخية الأربع شنقيط ووادان وولاته وتيشيت، متحدثا عن ظروف نشأة كل مدينة والظروف التي اكتنفت تطورها وطبيعة السمات الثقافية التي تميزها، مذكرا أن "الهوية الثقافية لهذه المدن ظلت في تحول مستمر، وذلك لأسباب بيئية وتاريخية، فالأولى تؤثر في نمط العيش، خاصة إذا ما تذكرنا أن المناخ كان له دور كبير في التأثير في هذا الجانب، فاختلاف خطوط تساوي المطر يؤثر في البيئة، والبيئة تؤثر على الإنسان الذي يتفاعل معها، أما العوامل التاريخية المؤثرة على الحياة الثقافية في هذه المراكز، فقد تمثلت في تغير الأنظمة السياسية ناهيك عن الهجرات المختلفة سواء تلك التي انطلقت من الصحراء أو عبرتها أو جاءت إليها".