لن تكون الحكومة وحدها من يتحمل مسؤولية وقف مسار التحضير للتشاور بشكل أحادي، بل إن المعارضة هي من قرره في الواقع بمقاطعة العديد من أحزابها وشخصياتها لهذا التشاور دون مبرر معلن ومقبول، وباقتراحهم لمواضيع لا تشكل تباينا بين القوى الوطنية في عهد التهدئة والتلاقي بغية إحداث هذا التباين وخلقه.
وكان أداء الطيف المعارض في تعاطيه مع الأغلبية خطابا وممارسة يشكل نكوصا وتراجعا نحو فترات الإصطفاف الحاد في استخدامهم للعنف اللفظي وتجاوزهم لأبسط قواعد العمل الديمقراطي، وكنا نشعر وكأننا نخرج من التهدئة باتجاه المجهول، في وقت كان يفترض فيه أن يكون هذا التشاور تعزيزا للتهدئة لا خروجا عليها.
كما كانت الأغلبية في أغلب مكوناتها متجهة إلى هذا الحوار دون إجماع ولا تحضير سياسي ولا أهدافَ محددة، ناهيك عن ما يمكن أن نحقق بهذا التشاور من مكاسب وإنجازات، وكان بالنسبة للكثيرين قفزا غير موفق على التهدئة، ومصادرة لجهود رئيس الجمهورية في تحقيق إجماع وطني بلا مزايدة ولا صخب، واستدعاءً لمواضيع لم تعد في صميم اهتمامات مواطن يخرج من أزمة كوفيد وهو يتطلع إلى التنمية ومزيد من فرص العمل والخطط التي من شأنها معالجة الإرتفاع المذهل للأسعار وتحقيق الأمن الغذائي.
لذلك فإن قرار تعليق مسار التشاور جاء عمليا من المعارضة والأغلبية على تفاوت في المسؤولية، وباستجابة من السلطات التي لم تكن يوما طرفا فيه.
(*) وزير سابق