إنه لأمر مؤسف أن يقبل وزير الخارجية والتعاون في بلادنا أن يتسلم رفقة الأمين العام للوزارة مفاتيح خمس سيارات كهدية من سفير كوريا. ألم يكن الأولى بأن يتسلم هذه الهدية موظف عادي بوزارة الخارجية؟ وإذا كان لابد من الاحتفاء بهذه "الهدية العظيمة" ألم يكن يكفي استجلاب مدير قطاع آسيا في الوزارة لاستلام هذه الهدية، وأن يكون ذلك بعيدا عن الكاميرات وعن الإعلام؟
لقد نشرت الوكالة الموريتانية للأنباء خبرا عن هذه "الهدية العظيمة"، وكان الخبر مرفقا بصورة للوزير وللأمين العام للوزارة وهما يبتسمان وفي غاية الفرح، وكأنهما يتسلمان هدية عبارة عن خمس طائرات من أحدث ما تم تصنيعه في العالم من طائرات.
إنه لأمر مؤسف أن يقبل وزير خارجية دولة محترمة وذات سيادة بأن يتسلم مفاتيح خمس سيارات من سفير دولة أجنبية، وما يؤسف أكثر أن يقبل بتصوير تسلم الهدية، وبنشر الخبر على موقع الوكالة الموريتانية للأنباء، الواجهة الإعلامية الرسمية للدولة الموريتانية.
ما فات وزارة الخارجية ووزارة الإعلام هو أن نشر مثل هذا الخبر سيشكل أكبر دليل على كذب الدعاية الحكومية وأبواقها الرسمية وغير الرسمية، والتي ظلت تتحدث خلال عقد من الزمن عن "القفزات النوعية" وعن "الإنجازات العظيمة" في مختلف القطاعات، والتي تحققت في هذا العهد.
الطريف في الأمر أنه في الوقت الذي كانت فيه الوكالة الموريتانية للأنباء تصور بشكل مذل وزير خارجيتنا هو يتسلم مفاتيح خمس سيارات من سفير كوريا، في مثل ذلك الوقت كان وزير داخليتنا يتحدث في مدينة سيلبابي عن الإنجازات العظيمة التي تحققت خلال العشرية الأخيرة، وقد قال وزير الداخلية حسب ما نشره موقع الوكالة الموريتانية للأنباء بأن بلادنا " تحولت خلال هذه الفترة إلى ورشة كبرى في مختلف المجالات" وقال بأنها "صارت تحتل مكانة محورية متميزة واحتضنت عدة قمم تاريخية كبرى مثل قمة الاتحاد الإفريقي والقمة العربية ".
إنه لأمر مؤسف أن تقبل بلادنا التي احتلت على الصعيد الدولي مكانة محورية ومتميزة حسب وزير الداخلية، أن تقبل بأن يتسلم وزير خارجيتها مفاتيح خمس سيارات من سفير كوريا، وأن يتم تصوير عملية الاستلام ونشرها بعد ذلك على موقع الوكالة الموريتانية للأنباء.
فضيحة تسلم وزير الخارجية والتعاون لمفاتيح خمس سيارات من سفير كوريا ذكرتني بفضائح دبلوماسية أخرى، ففي في العام 2014 تم حرمان بلادنا من التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بسبب عدم دفعها لاشتراكاتها المالية لسنتين متتاليتين، وذلك على الرغم من أن مبلغ الاشتراك كان زهيدا. في ذلك العام حرمنا من التصويت مع دول صغيرة لم نسمع بعدد منها من قبل :"الدومنيكا"، و"غرينادا"، و"جزر مارشال"، و"بابوا غينيا الجديدة"، و"سانت فنست وغرينادين"، و"تيمور – ليشتي"، و"تونغا"، و"فانواتو"، و"قيوغزستان".
وفي نفس العام كادت الفضيحة أن تتكرر عند عرض التقرير المالي لاتحاد البرلمان العربي حيث تبين أن بلادنا لم تدفع اشتراكها السنوي لثلاث سنوات متتالية، وهو ما كان سيعرضنا للطرد من هذا الاتحاد.
ولولا نباهة رئيس البرلمان اللبناني "نبيه بري" وتدخله في الوقت المناسب لتم طردنا، لقد وقف نبيه بري خطيبا بين الأشقاء، وقال: "لماذا يا إخوان نخسر عضوية دولة عربية شقيقة بهذه السهولة ، ليدفع الأعضاء المبلغ المطلوب من موريتانيا بحسب النسب التي تسددها كل دولة".
فإلى متى ستستمر هذه الفضائح؟
حفظ الله موريتانيا..