شهدت موريتانيا فى السنوات الأخيرة تفوقًا ملحوظًا للفتيات على أقرانهن من الذكور. فى الامتحانات و المسابقات الوطنيه . و لتسليط الضوء على هذه الظاهرة الجديدة ستجرى فى هذا التقرير سيرا لآراء بعض المهتمين حول العوامل و الأسباب التى ساهمت فى هذا التحول الإيجابي."
أظهرت نتائج الباكولوريا التى أعلنت عنها وزارة التربية الموريتانية حصول البنات على المراتب الأولى وطنيا (2022_ 2023_ 2024) فى ،شعبة العلوم الطبيعية و شعبة الآداب الأصلية و الآداب العصرية و شعبة اللغات و الثانية وطنيا فى الشعبة الرياضية و الفتية ، كما تربعن على المراتب الأولى و وطنيا ( 2022_ 2024) فى شهادة ختم الدروس الإعدادية و المرتبة الثالثة وطنيا خلال العام 2023
و بلغت نسبة البنات العشرة الأوائل وطنيا سنة 2022 فى باكولوريا شعبة العلوم الطبيعية و الرياضيات و الآداب الأصلية و العصرية و شعبة اللغات 54% و تراجعت هذه النسبة سنة 2024 إلى 36%
آراء..
المؤطر التربوي ابراهيم ولد الشيخ ولد البشير الأمين العام المساعد لنقابة الملحقين الاداريين قال أن أسباب الظاهرة كثيرة و متنوعة و لم تأت من فراغ بل تحكمها عوامل من أهمها أن الذكور يقضون وقتا أطول خارج البيت و على شاشات الهاتف مقارنة مع الإناث اللواتي يقضين جل و قتهن داخل البيت و يحظين بعناية و متابعة اكثر .
و أضاف ولد البشير ان استهتار الولد بالواجبات و التعليمات مقابل انضباط البنت و التزامها من العوامل التى ساهمت كذلك فى تميز البنات على الاولاد
و استطرد النقابي و المؤطر التربوي ولد البشير قائلا : إن من العوامل أيضا التي ساهمت في تنامي الظاهرة تقصير الأسرة فى تعاملها مع الطفل و عدم رقابة الإدارة فى المدرسة للولد مقارنة مع البنت .
و اقترح الفاعل التربوى ولد البشير على الآباء وضع جدول زمني لمراجعة الأبناء سوءا كانوا ( ذكورا أو إناث) و ذلك بتخصيص ساعتين دائمين طيلة السنة الدراسية للمراجعة في المنزل بحضور الابوين .ليفهم الولد قيمة الدراسة .
و حث ولد البشير على ضرورة إبعاد الاطفال دائما عن مكالمات الأب والأم مع الأقارب والأصدقاء .
و أكد ان الوقت المناسب للمراجعة في المنزل هو ما بعد صلاة المغرب إلى الساعة العاشرة ليلا،
الباحث الإجتماعي محمد ولد سيدي اعتبر أن الظاهرة عالميه لا محليه وقد بدأ الحديث عنها يظهر فى كل دول العالم و أثارت جدلا واسعا فى الوسط التربوي لكونها ظاهرة جديدة على مجتمعات لم تعهدها من قبل ، و لذا النظر إليها يجب أن يكون من عدة جوانب اجتماعية و اقتصادية و ثقافية .
و يرى ولد سيدي أن للتنشئة الإجتماعية داخل الأسرة دور مهم فى تفوق البنت لما تحظي به من عناية داخل الأسرة اكثر من الولد كما أن وفرة وقت البنت داخل المنزل يساعدها على المراجعة اكثر فى حين أن الولد يقضى وقتا أطول خارج المنزل و يرجع متعبا مما ينعكس عليه سلبا .
و يضيف السيسيولوجي ولد سيدي أن حساسية البنت و عاطفتها و تأثرها بالنتائج الضعيفة يجعلها تضاعف جهودها لتجاوز صدمة تلك النتائج بينما الولد قد يحصل على صفر فى المادة و لا يلقى لذلك بالا و تمر عليه بسلام .
وذهب ولد سبدي إلى أبعد من ذلك حين اعتبر الظاهرة قد تكون ناتجة عن ثورة لا شعورية _ وفق تعبيره -على تقاليد اجتماعية تٌنقص من قيمة المرأة حين يتعلق الأمر بالدراسة فالتقاليد القديمة كانت تقول أن البنت يكفيها أن تعرف القراءة و الكتابة .
زيادة الوعي لدى البنات شكل ثورة على تلك النظرة التقليدية التى كانت سائدة يضيف السيسيولوجي محمد ولد سيدي
و يضيف "إذا سلمنا جدلا أن الرجل قد يتفوق على المرأة فى الجهد البدني إلا أنه فى الجهد الفكرى أصبحت المرأة قادرة على أن تتفوق عليه".
ولد سيدي فسر الظاهرة بكونها أيضا قد تكون ناتجة عن ميوعة الشهادات و فقدها لمحتواها فالشخص أصبح قادر على الحصول على عدة شهادات فى عدة تخصصات لكنه يعجز عن الحصول عن فرصة عمل و هذا ولد لدى الأولاد عزوف عن التحصيل العلمي بل انصب تركيزهم على وسيلة يمكن أن يتكسبوا بها مما جعلهم لا يبذلون جهودا كبيرة فى الدراسة .
و ختم السيسيولوجي محمد سيدي مداخلته بالقول أن تفوق البنات فى الامتحانات العادية فى الغالب يكون ناتج عن تعاطف الأستاذ أو المعلم معهن اكثر من الأولاد ، لكنه استدرك أن هذا الأمر لا ينطبق على المسابقات الوطنية كالباكولوريا و شهادة ختم الدروس الإعدادية .
يشكل تفوق البنات في المسابقات الوطنية مؤشراً إيجابياً على التطور الذي تشهده المرأة الموريتانية في المجالات التعليمية والثقافية .. فهل سيساهم هذا التفوق في تغيير الصورة النمطية عن المرأة في المجتمع. ؟
إعداد: بتار الشرفه الملقب يعقوب