يوم الثلاثاء الماضي إتصل بي أحد رؤساء المراكز للمشاركة في ندوة حول مظاهر البذخ في المناسبات الإجتماعية، مقاربات لفهم الظاهرة وسبل علاجها، وأثناء نقاشنا إقترحت عليه أن تكون مداخلتي حول دور وسائل التواصل الإجتماعي أو الإعلام التفاعلي في إنتشار الظاهرة ودورها كذلك في توجيه المجتمع.
بعد الإتصال بدأت بالتفكير في الخطوط العريضة للموضوع وتحديد نقاطه المركزية فتوصلت إلى فكرة إقتنعت أنها في صميم الموضوع ويمكن أن تلفت الإنتباه إذا ما ناقشناها جميعا، ألا وهي غياب فقهائنا ودعاة الإصلاح عن مواقع التأثير والإتصال مع المواطنين وخاصة الشباب عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي التي تدخل بيوتنا دون إستئذان وتشغل وقتنا وحياتنا اليومية ونتابع عليها كل جديد ومن خلا لها يتعارف الناس ويقدم كل بضاعته.
في مجتمعنا تسيطر فكرة عامة خاطئة مفادها أن وسائل التواصل الإجتماعي موضة شبابية يتعاطاها الشباب فقط والعامة من الناس ولا يليق بالفقيه أو الشخص المهاب أن يكون له حساب على الفيسبوك أو تويتر أو التيكتوك يقدم من خلاله أفكاره ويتابع أفكار الآخرين واهتماماتهم اليومية فيستفيد ويفيد ويحدد مجالات اهتمام المواطنين ليشاركهم إياها، فالفقيه مكانه ليس المسجد فقط أو التلفزة والناس لن تنتفع بعلمه إلا إذاكان بينهم ويفهم لغة عصرهم ويغرد كما يغردون ويدون كما يدونون ويناقشهم عبر صفحاتهم.
لقد تفاجأت قريش وهي ترى رسول الله عليه الصلاة والسلام يمشي في الأسواق، ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق...) فأرادوا أن يعيروه بهذا التواضع لأن الملوك والمتكبرين يترفعون عن الأسواق وأماكن تواجد العامة وكان عليه الصلاة والسلام يخاطبهم في أسواقهم.
رغم أن هذه الأرض لم تعرف سلطة مركزية قبل الإستعمار وسفكت عليها الدماء ومورس عليها الكثير من المظالم إلا أن أهلها لم يتخلوا يوما عن طلب العلم والتحصيل والتبليغ متخذين من ظهور العيس مدرسة ومن التجارة وسيلة للإتصال بالآخرين متنقلين رغم الصعاب الجمة وشح الموارد، فلماذا لا يتخذ فقهاؤنا اليوم من صفحات الفيسبوك ووسائل التواصل بصفة عامة مدرسة يوجهون من خلالها ويعلمون الناس ويرشدونهم وستصل كلماتهم إلى كل بيت وكل هاتف و إلى الملايين من الشباب والرجال والنساء داخل الوطن وحول العالم، وليفهم فقهاؤنا ورجال الدين بصفة عامة أنه من واجبهم توجيه الناس وإرشادهم بكل الوسائل ولن يتم ذلك اليوم إلا بولوج وسائل التواصل الإجتماعي وبقوة.
فليسألوا أبناءهم عن الطالب عبد الودود وسيدي ولد أكماش ود/الشيخ سيدي عبدالله والإعلامي الحسن ولد لبات والفنانة كرمي و نجمة السوشيل ميديا شيري، فسيخبرونهم عن جديد المواضيع التي يطرقون يوميا والتي يستمعون إليها في بيوتهم.
إن فقهاءنا يتخلفون عن مواكبة العصر ومع ذلك يوفرون لأولادهم آخر الهواتف الذكية بحجة مواكبة العصر يجوبون بها العالم يوميا.
من يريد أن يخاطب الناس اليوم بما يفهمون وبلغة عصرهم، فليغرد كما يغردون وليدون كما يدونون....