الاغتصاب في القانون الموريتاني جريمة مركبة، تجمع بين الزنا والإكراه عليه، لذلك جمع له القانون عقوبة الحد إن توفرت شروطه، وعقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة مقابل الاكراه، غير أنه نتيجة لصعوبة إثبات جريمة الزنا بالمثبتات الشرعية المعروفة، وسهولة درء الحد بالشبهات تحكم المحاكم غالبا بالعقوبة التعزيرية التي هي الأشغال الشاقة المؤقتة.
هذه العقوبات التي نص عليها القانون الموريتاني بهذا الشكل لم تعد تحقق الردع للأسباب التي ذكرنا، لذلك أصبح من الملح تدخل المشرع لإخراج الاغتصاب من دائرة جريمة الزنا وإدخاله في جريمة الحرابة، فكما أن المحاربة تتحقق بإزهاق الأنفس، وسلب الأموال، فهي تتحقق أيضاً بانتهاك الأعراض، وفي هذا يقول القاضي ابن العربي – رحمه الله- في أحكام القرآن: "إن الحرابة في الفروج أفحش منها في الأموال، وإن الناس كلهم يرضون أن تذهب أموالهم وتحرب من بين أيديهم، ولا يحرب المرء من زوجته وبنته، ولو كان فوق ما قال الله عقوبة لكانت لمن يسلب الفروج"،فالاغتصاب سعي في الأرض بالفساد وإخافة للطريق، وقياس غصب الفروج بالقوة على غصب الأموال بالقوة، هو كقياس الضرب على التأفيف، وعقوبة الحرابة كما هو معروف: (القتل أو الصلب أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض).
وسنستفيد مسألة أخرى مهمة من تكييف الاغتصاب بالحرابة، وهي أن شهادة الضحايا ضد مرتكب الحرابة تقبل عند المالكية، كما يمكن إثبات الحرابة بشهادة السماع أيضا عند المالكية (وفق ما نقله ابن رشد في بداية المجتهد).
من صفحة المحامي محمد المامي مولاي أعلي