يتوقع أن تشرع الجزائر، في غضون السنة الجارية، في إنشاء 5 مناطق للتبادل الحر مع موريتانيا وتونس وليبيا، ومالي والنيجر، وفق ما جاء في كلمة وجهها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، للمشاركين في القاهرة بالاجتماع الـ 41 للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقي (نيباد).
وقال الرئيس تبون إن السنة الجارية "ستعرف بداية تجسيد إنشاء مناطق حرة للتبادل بين الجزائر و كل من موريتانيا و تونس و ليبيا، و كذا مالي والنيجر" مؤكدا تمسك بلاده بـ"تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والتكامل القاري"، من حيث "البنية التحتية واستخدام صناديق تطوير البنية الإقليمية والعالمية..وتعزيز القدرات الإنتاجية، وتنويع الصناعات الأفريقية".
وكانت الجزائر أطلقت عدة مشاريع ذات امتداد قاري، أبرزها الطريق العابر للصحراء، والذي يربط بين ست دول أفريقية، ومشروع الطريق بين مدينة تندوف (جنوب) ومدينة الزويرات بموريتانيا، بالإضافة إلى شبكة الألياف البصرية المحورية العابرة للصحراء، وكذا مساعيها نحو تجسيد مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الرابط بين نيجيريا والجزائر وصولا إلى أوروبا.
وتعرف المنطقة توترا أمنيا وسياسيا، ففي مالي ألغت السلطات العسكرية في يناير الماضي، اتفاق الجزائر للمصالحة بين الانفصاليين المسلحين والحكومة الموقع عام 2015، وسحبت سفيرها "للتشاور بأثر فوري"، وكان طوق الأزمات قد ازداد ثقلا على استقرار المنطقة، عقب الانقلاب العسكري في النيجر في يوليو 2023 ضد الرئيس محمد بازوم.
مزايا اقتصادية
وتعليقا على دوافع الجزائر إنشاء مثل هذه المناطق وسط أوضاع خاصة تمر بها المنطقة، يعتقد الخبير المالي والاقتصادي، نبيل جمعة، أن الحكومة تروم إلى "تحقيق مزايا اقتصادية محضة رغم ما يحيط بالمنطقة من توترات أمنية وسياسية"، مشيرا إلى رغبة الجزائر فتح نافذة تجارية تشاركية مع دول الجوار في الساحل ومنطقة الصحراء "لتنويع نشاطها التجاري، والرفع من مستوى صادراتها خارج نطاق المحروقات إلى أكثر من 13 مليار دولار".
وتبلغ قيمة الإنتاج الفلاحي في البلاد نحو 35 مليار دولار، وفق جمعة الذي أضاف في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن ذلك يجعل من مناطق التبادل التجاري الحر مع دول الجوار "نقطة استقطاب للمنتوجات الفلاحية والمصنعة التي تأتي معظمها من الجنوب الجزائري، بتكاليف وأسعار أقل".
ويشير المتحدث إلى أن مناطق التبادل التجاري الحر مع تلك الدول "سيعزز من فرص تنمية الإنتاج المحلي من الصناعات التحويلية،" وسيفتح بوابة تصدير غير مكلفة للمنتوجات الجزائرية الأخرى مثل التمور والحديد والإسمنت والمواد الغذائية المصنعة، التي "تعرف نموا هاما في نسب الإنتاج"، مضيفا أن إسقاط الضرائب والرسوم على التداولات التجارية هناك "سيغري الأجانب بخوض مغامرة الاستثمار بالجزائر في انتاج المواد التي يزداد عليها الطلب أفريقيا".
حلول اقتصادية وتوترات أمنية
وفي الشق السياسي والأمني من الملف، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إسماعيل معراف، أن "حلحلة الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل والصحراء الكبرى بالمقاربات السياسية لم يعد له أي مفعول أو تأثير يذكر، بعد فشل عدة تجارب ومحاولات"، مضيفا أن المستقبل "للاقتصاد والاستثمار الفعلي والحقيقي".
ويتوقع معراف في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن "تتغلب الحلول الاقتصادية في المنطقة على التوترات السياسية"، مضيفا أن هذه الحلول قد تلقى دعم ومساهمة القوى الدولية والأممية التي تنشد الاستقرار بدعم مبادرات السلام حول المشاريع الاقتصادية التي "لا تحتمل قراءات متشنجة ما يجعلها سهلة التمدد في المنطقة".
ويشير المتحدث إلى أن قوى الصراع في الساحل ستكون أكثر برغماتية أمام المشاريع الاقتصادية التي تقام من قبل مجموعة دول المنطقة، وإلا ستكون أمام خطر الإنقسام الداخلي"، مجددا تأكيده على أن "الحلول الاقتصادية تغلبت دوما على الظروف الأمنية والسياسية في مناطق النزاع".