لا يزال تضخم أسعار الغذاء المحلية مرتفعاً في مختلف أنحاء العالم. وتظهر المعلومات الخاصة بالفترة بين أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني 2022 ارتفاع معدلات التضخم في جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تقريباً؛ إذ سجل 88.2% من البلدان منخفضة الدخل، و90.7% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، و93% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل ارتفاعاً في مستويات التضخم الذي تجاوز 5%، ويعاني الكثير منها من تضخم يزيد عن 9%. وارتفعت نسبة البلدان المرتفعة الدخل التي شهدت ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 81.8%. والبلدان الأكثر تضررا تقع في: أفريقيا، وأمريكا الشمالية، وأمريكا اللاتينية، وجنوب آسيا، وأوروبا، وآسيا الوسطى.
أقفل مؤشرا أسعار الزراعة والتصدير أعلى بنسبة 1% و6% على الترتيب، مقارنة بآخر تحديث تم إعداده في 1 ديسمبر/كانون الأول؛ وأقفل مؤشر أسعار الحبوب عند نفس المستوى. وارتفعت أسعار القمح والأرز بنسبة 1 في المائة و6 في المائة على التوالي، في حين انخفضت أسعار الذرة بنسبة 1 في المائة خلال الفترة نفسها. وقد أصبح متوسط أسعار القمح أقل في ديسمبر/كانون الأول 2022 بنسبة 5% على أساس سنوي، بينما أسعار الذرة والأرز أعلى بنسبة 9% و12% على الترتيب. وفي حين ترتفع أسعار الذرة والقمح بنسبة 28% و18% على الترتيب عما كانت عليه في يناير/كانون الثاني 2021، وتقل أسعار الأرز بنسبة 11%. (انظر بيانات "النشرة الوردية pink sheet" الخاصة بمؤشرات أسعار السلع الأولية الزراعية والسلع الغذائية، التي يتم تحديثها شهرياً).
ووفقا لنشرة رصد الأسواق الصادرة عن نظام معلومات السوق الزراعية عن شهر ديسمبر/كانون الأول 2022، أسفرت لا نينيا عن آثار متفاوتة على غلال المحاصيل في المناطق المنتجة الرئيسية في نصف الكرة الجنوبي. فقد عانت الأرجنتين من نوبات جفاف طويلة تسببت فيها ظاهرة لا نينيا للسنة الثالثة على التوالي. ونتيجة لذلك، تنخفض توقعات إنتاج القمح انخفاضا حادا عما كانت عليه في العام الماضي. وعلى النقيض من ذلك، أدت لا نينيا إلى أحوال رطبة بشكل غير طبيعي في أستراليا، مما أدى إلى ارتفاع توقعات إنتاج القمح عن المتوسط. وبالنسبة للأرز، في جنوب شرق آسيا، بلغ حصاد الأرز في موسم الأمطار ذروته في البلدان الشمالية، في حين تختتم إندونيسيا حصاد الأرز في موسم الجفاف. ويشير المرصد أيضا إلى أن تقلب الأسعار الناجم عن المضاربات يمكن أن يزيد من مخاطر الأمن الغذائي، لاسيما للبلدان المنخفضة الدخل.
ويشير المؤشر العالمي للجوع لعام 2022 إلى أن الأزمات المتداخلة كشفت عن ضعف الأنظمة الغذائية، وأن التقدم العالمي في مكافحة الجوع قد ثبت إلى حد كبير في السنوات الأخيرة. ووفقا للتقرير، فإن آثار الصراعات الإقليمية المستمرة، وتغير المناخ، وأزمة كورونا، والحرب في أوكرانيا، وتعطل سلاسل الإمداد، وارتفاع وتقلب أسعار المواد الغذائية والأسمدة والوقود قد أضعفت بشدة الأنظمة الغذائية غير الكافية وغير المستدامة بالفعل في العالم. ونتيجة لذلك، يشهد العالم ثالث أزمة غذائية عالمية في أقل من عقدين من الزمن. أما المنطقتان اللتان سجلتا أعلى درجة في المؤشر فهما منطقتا جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء اللتان تُعتبران في وضع خطير.
ووفقا لتقرير لمنظمة التجارة العالمية، تطبق الدول الأعضاء في المنظمة قيودا على التجارة بوتيرة متزايدة - ولأول مرة منذ عام 2009، فاقت القيود المفروضة على الصادرات القيود المفروضة على الواردات خلال فترة استعراض رصد التجارة لمنظمة التجارة العالمية. ودعت المديرة العامة للمنظمة نجوزي أوكونجو-إيويالا الأعضاء إلى الامتناع عن اعتماد تدابير جديدة لتقييد الصادرات، لاسيما التدابير المتعلقة بالأغذية والأعلاف والأسمدة.
ففي أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا، تصاعدت السياسات المتصلة بالتجارة التي تفرضها البلدان. وقد تفاقمت أزمة الغذاء العالمية لعدة أسباب منها تزايد عدد القيود المفروضة على تجارة الغذاء التي تضعها البلدان بهدف زيادة الإمدادات المحلية وخفض الأسعار. وحتى 7 ديسمبر/كانون الأول 2022، طبق 19 بلداً 23 قراراً لحظر تصدير المواد الغذائية، وطبقت ثمانية بلدان 12 إجراءً للحد من الصادرات.
وقد تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أزمة عالمية تدفع ملايين آخرين إلى الفقر المدقع، مما يفاقم من أزمة الجوع وسوء التغذية. ووفقا لتقرير للبنك الدولي، تسببت جائحة فيروس كورونا في انتكاسة كبيرة في جهود الحد من الفقر في العالم. والآن، أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة بسبب الصدمات المناخية والصراع إلى توقف الانتعاش.
وسيرتفع على الأرجح عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدة عاجلة إلى 222 مليون شخص في 53 بلدا وإقليما، وذلك وفقا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي.
ووفقا لوثيقة صادرة عن صندوق النقد الدولي، هناك حاجة إلى إنفاق ما يتراوح بين 5 و7 مليارات دولار أخرى لمساعدة الأسر الأكثر احتياجا في 48 بلدا هي الأكثر تضررا من ارتفاع أسعار واردات المواد الغذائية والأسمدة. وثمة حاجة إلى مبلغ إضافي قدره 50 مليار دولار للقضاء على انعدام الأمن الغذائي الحاد.
تدابير البنك الدولي
في إطار استجابة عالمية شاملة لأزمة الأمن الغذائي القائمة، أعلن البنك الدولي إتاحة ما يصل إلى 30 مليار دولار على مدى 15 شهراً بما في ذلك 12 مليار دولار في مشروعات جديدة. وفي الفترة من أبريل/نيسان إلى سبتمبر/أيلول، ارتبط البنك بتقديم 8.1 مليار دولار لمشروعات جديدة في 47 بلدا - ومعظم هذه المساندة في أفريقيا واحدة من أشد المناطق تضررا من أزمة الغذاء. وسيشمل هذا التمويل جهوداً لتشجيع إنتاج الأغذية والأسمدة، وتعزيز أنظمة الغذاء، وتسهيل زيادة التجارة، ومساندة الأسر والمنتجين الأكثر احتياجاً، كما يلي:
- يهدف مشروع بقيمة 125 مليون دولار في الأردن إلى تدعيم تنمية قطاع الزراعة من خلال تعزيز قدرته على الصمود في وجه تغير المناخ، وزيادة القدرة التنافسية والشمول، وضمان الأمن الغذائي على المدى المتوسط إلى الطويل.
- مشروع بتكلفة 300 مليون دولار في بوليفيا سيسهم في زيادة الأمن الغذائي، والنفاذ إلى الأسواق، واعتماد ممارسات زراعية مراعية للمناخ.
- قرض بقيمة 315 مليون دولار لمساندة تشاد وغانا وسيراليون لزيادة استعدادها لمواجهة انعدام الأمن الغذائي وتحسين قدرة أنظمتها الغذائية على الصمود في وجه التحديات.
- مشروع طارئ لدعم الأمن الغذائي والقدرة على الصمود بقيمة 500 مليون دولار لتعزيز جهود مصر لضمان استمرار حصول الأسر الفقيرة والأكثر احتياجاً على الخبز، والمساعدة في تدعيم قدرة البلاد على الصمود في وجه أزمات الغذاء، ودعم الإصلاحات التي ستساعد على تحسين نواتج التغذية.
- قرض بقيمة 130 مليون دولار لتونس بهدف الحد من تأثير الحرب في أوكرانيا من خلال تمويل واردات القمح الليّن الحيوية وتقديم دعم طارئ لتغطية واردات الشعير لإنتاج الألبان والبذور لصغار المزارعين لموسم الزراعة القادم.
- يساعد برنامج تعزيز قدرة أنظمة الغذاء على الصمود في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي بتكلفة قدرها 2.3 مليار دولار بلدان المنطقتين على زيادة قدرة نظمها الغذائية على الصمود في وجه التحديات وقدرتها على التصدي لتزايد انعدام الأمن الغذائي. وسيعزز البرنامج أيضاً الاستجابة المشتركة بين الوكالات لأزمة الغذاء، وكذلك الجهود متوسطة وطويلة الأجل لتحقيق الإنتاج الزراعي القادر على الصمود، والتنمية المستدامة للموارد الطبيعية، وتوسيع نطاق النفاذ إلى الأسواق، وزيادة التركيز على قدرة أنظمة الغذاء على الصمود في وجه الصدمات في وضع السياسات.
وفي مايو/أيار، شاركت مجموعة البنك الدولي ورئاسة مجموعة السبع في اجتماع التحالف العالمي للأمن الغذائي بهدف تحفيز الاستجابة الفورية والمنسقة لمواجهة أزمة الجوع العالمية المتواصلة. وقد أعد التحالف لوحة البيانات العالمية للأمن الغذائي والتغذوي التي يسهل الوصول إليها للجمهور، والتي تتيح معلومات في الوقت المناسب لصانعي القرار على الصعيدين العالمي والمحلي للمساعدة في تحسين تنسيق السياسات والاستجابة المالية لأزمة الغذاء.
وأصدر رؤساء منظمة الأغذية والزراعة وصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة التجارة العالمية بيانا مشتركا ثانيا بشأن الأزمة العالمية للأمن الغذائي والتغذية، يشير إلى إحراز تقدم كبير في المجالات الرئيسية الأربعة: تقديم الدعم الفوري للفئات الضعيفة، وتيسير التجارة والإمدادات الدولية من الأغذية، وتعزيز الإنتاج، والاستثمار في الزراعة القادرة على الصمود أمام تغير المناخ.
البنك الدولي