
ترتكز قاعدة التمثيل بالنسبة للمقاعد النيابية في بلدنا أساسا، على البعد الديمغرافي لكل دائرة انتخابية و تبدأ من مقعد واحد لأقل من 20.000 نسمة و مقعدين لما بين 20.000 إلي90.000 نسمة و ثلاث مقاعد من 90.000 إلى 120.000 و يتصاعد التمثيل حسب عدد السكان لكل دائرة انتخابية و ذلك حسب آخر إحصاء وطني للبلد..
تخضع اللوائح الوطنية و الدوائر التي بلغ تعداد ساكنها 90.000 نسمة فما فوق للاقتراع النسبي ( اللائحة الوطنية المختلطة، لائحة النساء، و لائحة الشباب ) مع احترام تراتبية النوع في كل لائحة باستثناء لائحة النساء.
لقد وصل القاسم في آخر انتخابات تشربعية إلى حدود نائب واحد لأقل من 25.000 مواطن؛
لا تهمنا هنا المقارنة بقدر ما يهمنا أن ننظر من جديد في هذه "النسبية" التي مكّنت عبر ثلاث انتخابات تشريعية متتالية من حصول المعارضة الديمقراطية على ثلث المقاعد فقط،
لا شك أن هذه النسبة لا تشكل خطرا على الحكومات بقدر ما تمكنهم بأريحية كبيرة من تمرير التشريعات اللازمة من أجل المساهمة في تحقيق البرنامج الانتخابية؛
من كواليس الحوارات السابقة أن المعارضة كانت تشجع و تدافع عن أهمية النسبية بل و تراهن عليها أحيانا في تحقيق بعض أهدافها بعد أن عجزت و تراجعت عن المحاولات اللا دستورية مثل رفع شعار "الرحيل" و قبول الدخول في حوار مع النظام لتعزيز النسبية من أجل الحصول على نسبة معتبرة أو أغلبية في البرلمان مما يخوّل لها قانونيا رئاسة الحكومة طبقا للقوانين الجارية على غرار بعض الدول الديمقراطية..
و بما أننا على أعتاب حوار سياسي اقتصادي اجتماعي شامل فلنغتنم الفرصة للقيام بتقييم سليم للوضع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي للبلد و محاولة تحيين بعض القوانين و إدخال بعض الإصلاحات المؤسسية حتى نتمكن من تطوير حكامتنا السياسية.
و في هذا الإطار و بعد أن عرفت بلادنا ولأول مرة في تاريخها "محاكمة لرئيس سابق للجمهورية" وبعض كبار معاونيه بقوة الدستور الذي حبذا لو صيغت بعض مواده بشكل لا يخضع لأي جدل أو تأويل قانوني حفاظا على السكينة، يراودنا التفكير علنا في استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية مع أعتماد غرفة عليا تساهم في تعزيز تمثيل كل الطبقة السياسية مع مراجعة عدد نواب الغرفة السفلى وإدماج لائحة الشباب ضمن اللوائح الوطنية على أعتبار أن الشباب يمثل أكثر من ثلثي السكان، على الرغم من أن أهتمامه الأساسي يتمحور حول امتصاص البطالة و المشاركة كقوة حيّة في تنمية البلد و المساهمة في توفير العيش الكريم لأسلافه بعد خدمتهم لبلدهم والاستفادة من حقهم في التقاعد حتى لا نؤسس لانفصام بين فئات الشعب الواحد.
عنئذن يصبح من الضروري مراجعة هياكل الدولة ربما للاستغناء عن بعض المؤسسات كمؤسسة الوزارة الأولى ومؤسسة الوزارة الآمانة العامة لرئاسة الجمهورية و دمج مؤسسات أخرى فيما بينها من باب ترشيد موارد الدولة.
لكن ومهما قيم به من تحسينات جوهرية سيبقي الرافد الحقيقي و الصلب لوحدة و تماسك شعبنا هو النمو الاقتصادي و التوزيع العادل للثروة مع تحديث الأوليات في مجال الاستثمار مع مراعاة إصلاح قطاع العدالة و ملاءمته مع متطلبات العصر كضامن لديمومة الاستثمار و تنوعه.
إنّ كسر الجمود الملاحظ في الطبقة السياسية أصبح من أولويات منتسبي الأغلبية و المعارضة على حد السواء، من جهة مؤازرة النظام بالتوجيه والتكوين المستمرين مع و ضع أو تفعيل إعلام هادف و موجه بالنسبة للموالاة يبين الإنجازات و يرسخ مفهوم المتابعة و التقييم من أجل مشاركة المواطن، و تبيّين الخلل من منظور المعارضة بالوسائل المعروفة جماهريا و إعلاميا و بطريقة سلمية و ناضجة من جهة أخرى.
وإذا أكتملت محطات الحوار المرتقب من تصورات ناجعة و وضع آلية للمتابعة و التنفيذ، يكون رئيس الجمهورية قد أسس وبدون مزايدة لمستقبل واعد لكل الموريتانيين.
والله ولي التوفيق
إدوم عبدي اجيّد