ألا لايجهلن أحد علينا/ سيدي علي بلعمش

اثنين, 29/08/2022 - 17:21

تتوالى ـ منذ خطيئة مسيلمة زمانه (الريسوني) ـ الإساءات تترى إلى موريتانيا ، من قبل نخبة المخزن المغربية، معتمدة ترسانة أكاذيب الأطماع العمياء ،المُحِيلة بغباء أصيل (باسم التاريخ) ، إلى جيل التسكع على الخرائط الوهمية : يكذبون و يحولون أكاذيبَهم إلى مراجع تاريخية و أطماعَهم إلى شرعية و سخافاتهم إلى منطق تحليلي مشبع الأدلة، متناسين أن التاريخ ضدهم و الجغرافيا ضدهم و التوازنات العسكرية ضدهم و الدوافع الإنسانية ضدهم و أنهم بمثل هذه الإساءات إلى موريتانيا ، يصبحون بغباء مغربي، ضد أنفسهم. 

و لم تعد رسائل النظام المغربي غير الودية ، عبر وسطائه "غير الرسميين" ، حول قضية "لگويرة" ، تُخفي النوايا "الرسمية" المبيتة و المُسوَّقة عبر طوفان من الأكاذيب المستفِزة و الحِيَّل النسويَّة و المكر المخزني ، تجاه موريتانيا الواقفة في النهاية ، على جبل من التاريخ المُسكِت، رغم صمتها المَهيب و  صراخهم المُشفِق..

- لم تستطع المغرب حتى الحين أن تثبت ملكيتها للصحراء ، لا بالشرعية و لا بالقوة..
- لم تستطع البوليساريو حتى الحين حسم انتصارها على المغرب ، لا بالسلاح و لا بالشرعية ..
فلِمن تسلم موريتانيا بلدة لگويرة و من تُخاصم على ملكيتها المُحرَجة أمام الأهل من رطانة خطيبها العجمي..!؟

لماذا يُطلب من موريتانيا موقف نهائي من لگويرة في ظل عجز مغربي غير "نهائي" و إصرار صحراوي غير "نهائي" ..؟

على المغرب أن يفهم أنه سيكون أول ضحية لنفاد صبره ، باستعجال إحراق ورقة "جواره" المغموسة سبع مرات في وصمة العار و العداء..!

و على النخبة الموريتانية المُتهيِّبة ، بردودها المتخلخلة، لقول الحقيقة ، بورع مغموز فيه و ولاء مغموز فيه و منطق أخوة مغموز فيه ، لم يحترمه المتمخزنون يومَ كنا : "بين دولة جارة و دولة شقيقة"، أن يفهموا أننا أصبحنا اليوم نقف على عتبة زمن آخر ؛ لا نشتري فيه أن نكون "أشقاء" و لا نبيع فيه أن نكون "جارة"..

لقد تصوفنا في احترام موقفنا الديني و الأخلاقي من "الجارة" (عبر خطوط الإمداد العسكرية) ، الجائرة في أخوتها المشروطة بتزوير التاريخ و الجائرة أكثر في جيرتها المشروطة بخيانة اخوتنا الصحراويين ، من دون أن يفهموا أنه كان باستطاعتنا أن نكون أسوأ بكثير و أكثر إزعاجا بما لا قبل لهم بمواجهته ..

و في حين تقف موريتانيا في حيادها الأعرج ، دون منح البوليساريو سفارة كما أقرت في بنود اتفاق الحياد "الإيجابي" ، لا تعترف المغرب بفضل موقفنا المحابي لتجبرها المضحك و غرورها المعذور..

ما سمعناه خلال الأسابيع الماضية من نخبة المخزن المتنصلة من كل مسؤولية بحجة عدم رسميتها ، كأننا لا نعرف كيف تدار  بيادق اللعبة ، كان لا بد من الرد عليه بما يفضح سوقيتهم و أباطيلهم و سخافة اجترارهم للتاريخ بما يدينهم و يعري  جنون أطماعهم ..

موريتانيا أرض حضارة راسخة في الأعماق لم تستطع السياحة اختراق عناد كبرياء أهلها و لم تستطع ثقافة المستعمر مسخ موسيقى وجدان معزوفة أصالتها : تلك هي الرسالة التي لم تفهموا قط .. تلك هي الرسالة التي لن تفهموا أبدًا ..

- تعانقون المستعمر و تتهمونه باقتطاع أكثر من مليون كيلومتر مربع، تصرخ كل طوبة فيها بعروبتها الأكثر أثالة من عجميتكم..!؟
- تتركون مؤخرتكم الرخوة للعدو (سبتة و مليلة و ليلى) و تعلنون الجهاد على بنات النعمان بن المنذر ..!؟
- تجارون حاخامات يهودا في اغتصاب القدس و تطلبون يد خنساء المرابطين ..!؟
كم أنتم مضحكون .. 
كم أنتم مغاربة حقيقيون ..

تتحدثون عن مغربية الصحراء و تضعونها شرطا للصداقة مع شعوب الأرض ، لتكتشفوا أنكم نسيتم أن تسألوا أنفسكم بماذا تطرحون على العالم شروط العرائس ..!؟
العالم لا يستطيع أن يفهم بأي معادلة منطقية ، غير صحراوية الصحراء و لا يستطيع أن يستنتج من شروط المغرب سوى عودة موجة غباء بوش "من ليس معنا فهو ضدنا" التي حولته إلى هبنقة زمانه.
و إذا كانت تلك العبارة حولت بوش إلى أضحوكة و هو يقود أعتى قوة في العالم تسند ظهرها إلى أضخم اقتصاد في العالم ، فماذا ننتظر من تبجح الزناءة المغربية ؟

أريد أن أذكر طراطير المغرب هنا (و أعرف جيدا أن الأطماع تعمي كل صغار العقول)،  أن من أطاحوا بالرئيس ولد داداه و خرجوا من الجانب الموريتاني من الصحراء الذي تقر المغرب بموريتانيته في الاتفاقية المبرمة مع الإسبان و مواثيق الأمم المتحدة، لم يكونوا (مثلهم) يتمتعون بغير شرعية القوة : فماذا تستطيع المغرب أن تقول أمام العالم ، إذا قررنا اليوم (برئيس منتخب) ، أن نستعيد جانبنا من الصحراء و العودة إلى حدود ما قبل العاشر يوليو 1978 ؟ 

أنتم تتخبطون في الأخطاء و تستفيدون فعلا ، من ضعف الخصوم و استهتار الأمم المتحدة؛ لكنكم تجهلون أنه ضعف مؤقت و استهتار بلا صديق دائم .
حتى احتماؤكم باليهود الذي وصل إلى (عار) تسجيل الجلسات المغلقة لقادة الدول العربية ، تجهلون أنه سوق مفتوحة لا يحكمها غير قانون العرض و الطلب..!

طرح شروط المغرب على "حلفائه" اليوم و تهديدها بدخول لگويرة و الكشف بوقاحة عن زواجها غير الشرعي مع الكيان الصهيوني و الإسراف المجنون في إنفاقها العسكري أمام شعبها الجائع ، محاولات واضحة لتفادي انهيار العرش ، من الصعب أن لا تفضي إلى تمرد الجيش أو ثورة الشعب.. 
و بمثل هذا الضغط الانتحاري على المجتمع الدولي ، في سباق مع التحولات العالمية العميقة (التي يرى المغرب "محقا" أنها ستكون حتما أكثر عدلا في حق الشعوب المظلومة)، يخاطر المغرب بإحراق كل ما أنجز عبر تاريخه من سمعة و مكانة دولية غير مستحقة..

نحن إذن، في انتظار دخول المغرب في لگويرة ، ليفهم ثمن التحرش بصمتنا و خطورة الاستخفاف بضعفنا ..

آن لنا أن نوقف هذه الهستيريا المغربية المتصاعدة بما لا يفهمون غيره . 
و آن للمغرب أن يُسقط علينا سماء وعوده أو يفهم أننا لا نبالي بهستيريا وعيده ..

و لأنكم لا تفهمون غير سياسة لي الأذرع و لا تحسنون غير خنق التاريخ بحناجرهم المختنقة و صدوركم الضيقة و لغتكم المأزومة ؛ فاعذرونا أو لا تعذرونا ، إذا اعتبرناكم عدوا دائما و بوابة خراب لا تؤتمن: 
انتهت كذبة الأخوة المزعومة ، فلا أنتم تحتاجونها و لا نحن نصدقها.
و انتهت قصة الجيرة المكذوبة فلا التاريخ يقبل توقيع وثيقتها و لا أخلاقكم تحترم ما يترتب عليها..
فوداعا : و لا رجعت أم عمرو