
في المشهد السياسي، نادرا ما نجد في خطابات رؤساء الدول هذا الوضوح في التوجيه، والصرامة في تحميل المسؤوليات، والجرأة في منح الثقة، كما في الكلمة التي ألقاها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال منتدى الأعمال الموريتاني الإسباني الأخير.
لم تكن مجرد خطاب تقليدي في مناسبة اقتصادية، بل جاءت كوثيقة سياسية اقتصادية متكاملة، تعيد تعريف علاقة الدولة بالقطاع الخاص، وتضع هذا القطاع أمام امتحان الفرصة والتكليف.
فالرئيس، الذي تحدث بثقة القائد المدرك لمسؤولياته، قدم للقطاع الخاص عرضا سياسيا غير مسبوق ،مناخ من الاستقرار، رؤية استراتيجية منفتحة، وشراكات دولية جاهزة، وعزز ذلك بالتزام مباشر من رأس الدولة بمرافقة المستثمرين وتسهيل طريقهم.
حين يقول فخامة الرئيس “الإطار العام ملائم، والإرادة السياسية متوفرة، وتحظون بدعمنا الكامل”، فهو لا يكتفي بوصف واقع إيجابي، بل يضع بوضوح خريطة طريق، ويرفع سقف التوقعات، ويدعو القطاع الخاص إلى أن يكون في مستوى هذه اللحظة.
لقد قدم فخامة الرئيس الإطار، وأطلق الإشارة، ومنح الثقة والمسؤولية الآن تقع على عاتق الفاعلين الاقتصاديين في الداخل أن يتحركوا لا أن يترقبوا ،أن يبتكروا لا أن ينتظروا و أن يدخلوا ساحة الشراكة من بابها الواسع، لا من نوافذ المصالح الضيقة.
ومن موقعي كأحد الداعمين لهذا المشروع الوطني، أرى أن هذه الدعوة الموجهة للقطاع الخاص لم تأت من فراغ، بل جاءت في سياق تحول سياسي وتنموي تقوده البلاد بثقة وهي دعوة لا تقبل التأجيل، ولا التسويف، لأنها تعكس إرادة رئيسٍ لا يكتفي بتشخيص الواقع، بل يرسم طريق تجاوزه.
لقد فتح فخامة الرئيس، من خلال هذا المنتدى، نافذة تاريخية نادرة لتحريك عجلة الاستثمار، ودعا صراحة إلى تسريع القيام بمشاريع مشتركة، مستثمرا في ذلك المناخ السياسي المواتي، والإرادة المتبادلة بين موريتانيا وإسبانيا لتوسيع الشراكات.
وهنا تبرز المسؤولية الحقيقية على الفاعلين الاقتصاديين أن يكونوا في مستوى وضوح القيادة، وأن يلتقطوا هذه الإشارة كما هي، بلا تردد أو تأويل.
أما الجهاز الإداري، وقد أشار إليه فخامته ضمنيا حين تحدث عن “تسهيل الإجراءات ورفع أية عراقيل أو تعقيدات إدارية قد تعترض طريق الفاعلين ”، فمن الطبيعي أن ينتظر منه أن يكون ميسرا لا مثقلا ومرافقا لا معيقا فليس من المعقول أن تتأخر الإدارة عن توجه التزمت به الدولة على أعلى مستوى، أمام شريك دولي وفي ظرف دقيق.
إن فخامة الرئيس قد فتح الطريق والمسؤولية الآن على من طرحت أمامهم هذه الفرصة فهل تستكمل الخطوات؟.
________
سيدي ولد ابراهيم ولد ابراهيم
خبير محاسبي ؛ فاعل سياسي .