مارادونا..النّـجـمُ الذي لا يغيب / محمد سيدناعمر

خميس, 25/11/2021 - 13:17

الأشياء الجميلة قصيرة العُمْر؛ والزَّهرة الفوَّاحة تذبُل سريعا كما في المثل السائر..

لم ترحل قبل الأوان يا "دييغو آرماندو مارادونا" ـ كما يظن عُشَّاقُـك ـ ولم يكن يُساورني شَـكّ أن الموت يتربَّص بك، يراوغك ينتظر اللحظة المناسبة للتسديد صوبك.. ولم تكن أنت -كغيرك- مُـتشبـثا بالحياة لأنك تُـدرك الحقيقة..

خدعت الجميع كما فعلت مع الحكم التونسيّ"علي بِنْ ناصر" حين خرجت من المستشفى وأنت تُـلوِّحُ ـ بقبضة يدك التي سَجَّـلت بها الضَّربة القاضـيَّـة ذات مباراة "ثأرية" بمونديال المكسيك ـ تَحـيـَّة للجماهير الغـفيرة التي أحـبتك، وكانت لو شئت وهبتك أعمارها لتورث حبك لأحفادها اللاحقين ..

خَدَعـْتَ الأطبَّاء الذين راهنوا على تَحـسُّـن حالتك..

خَدَعْتَ العشّـاق والمحـبِّـيــن الـذين تنبؤوا لك بعمر مديد بعد نجاتك من ورم في الدماغ؛ لم يكن مُـؤذِئيّا لأنَّـه كان مُـدَوَّرا كـشـكـل الكـرة التي بادلـتـك حبّا بـحـبّ.

كان سيـطول عُـمْرك لــو أنَّـه كان بعـدد أهـدافـك الجميلة؛ بعدد ضحاياك من اللاعبين في مراوغاتك الساحرة، بعدد مُغامـراتـك العاطفـيَّة الفـاشـلـة..أو بعـدد قناني "الفودكا" التي تعاقرها في الحانات والملاهي الليلية..

كانت كـلُّ أيــام (أَرْجَنْتِينَا) مُعفّرة برائحة البارود؛ تَـئِـنُّ أحياؤها من الفقر والسُّـجُـون والظُّـلـم والقهـر، فجئت تنثر الذهب والأوسمة في شوارع "بيونس آيرس"

شَمْسُك الوهَّاجة لم تستـطـع غـيوم الخصوم حجبها، بل كانت في كـلِّ محاولة تـزيد تـوهُّـجا، رغم طبـعـك النـَّزِق وسَوْرَة غضبك الحَـادّ..

صوَّرُوكَ لنا مُـدمِـن مُـخـدرات، مُـراهقا غِـراّ يـرتـكـب الحماقات في المـواخيـر المظلمة..وكذوبا حين زعـمـت أن كائنات فضائيَّـة اخـتطـفتـك وذهبت بـك إلى كوكب مجهول..فكذبناهم وصدقناك

إذن عـجـزوا أن يـنـالوا منـك؛ وفي كل قـلب منك مـساحـة فرح..

أحَـبَّـك الفقراء تحت الصَّـفيـح، وأحـبَّـك الأغـنيـاء في الجُــزر الهادئة والأبراج المُـتلألـئـة.

سـتظلّ وَشْما سرمديا لا يمَّحي؛ وستبقى ذكراك ُمتَّـقِـدة في سِـفْـرِ الخالـدين كبُـرْكَان "فِـيـزُوفْ" الحـارس الأميـن لـ (نابولي) تلك المدينة التي حقَّـقْـتَ لناديها السماويّ المُعجزات، فحملك سُـكَّانها على الأعـناق وفـرشوا لك شـغاف قلوبهم..

وداعا يا ذا الموهبة الفذّة والسيرة الخالدة؛ وتعازينا لِكـُرة القدم التي تلحَّـفَـت السَّواد وتـفجَّـرت الدموع من أحداقها الواسِعَـة، وللـمُـستطيل الأخضـر الذي استطال حُـزْنـُه واكْـتـَـست خُـضْرتـُه لَــــوْنُ الشُّــحوب.

.......

من صفحة الكاتب الصحفي محمد سيدنا عمر بالفيسبوك