منذ اللحظة الأولى لتعينه أبان معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي عن كفاءة عالية كانت محل إشادة من أقصى المعارضة إلى أقصى الموالاة. وبديناميكية عالية بدأ رسم الخطط العامة والاستراتيجيات القطاعية فكانت خلاصة ذلك كله العرض الذي قدمه لسياسة الحكومة أمام البرلمان والردود الواضحة والصريحة التي أجاب بها أثناء نقاش العرض.
إن إعلان السياسة العامة للحكومة الذي قدمه معالي الوزير الأول يمثل محطة مفصلية في تاريخ الإدارة والتنمية الوطنية، حيث يبرز الخطوط العريضة لبرامج الإصلاح والتطوير في شتى القطاعات الحيوية. ويبسط رؤية واضحة لتحقيق التنمية المستدامة والمواكبة للتحديات المعاصرة.
استهل معاليه خطابه بالتأكيد على حقيقة بالغة الأهمية يجب أن يستحضرها المسؤول المؤمن بالديمقراطية وهذه الحقيقة هي أن الشعب "هو وبحق، مصدر كل سلطة، وصاحب السيادة الوطنية على الإطلاق" وهي حقيقة تؤكد قناعة الوزير الأول وانطلاقا من توجيهات صاحب الفخامة أن المقام مقام تكليف لا مقام تشريف وتؤكد الإحساس القوي بجسامة المسؤولية التي على المسؤول ان يتحملها وبحجم الآمال والطموحات التي يعلقها عليه المواطنون لتنفيذ برنامج فخامة الرئيس "طموحي للوطن" والذي التف حوله الموريتانيون و صوتو له في أكثر الانتخابات شفافية في تاريخ الجمهورية.
إن علاج إي مرض يبدأ بالتشخيص أولا وينتهي بوصف الدواء المناسب وقد أبان العرض الذي قدمه صاحب المعالي عن معرفة ووعي كاملين بمكامن الخلل وتشخيص دقيق للمعوقات التي اعترضت وتعترض طريق التنمية والعدالة والرفاه، فحدد خمسة تحديات ستؤدي مواجهتها إلى تحقيق خمسة تطلعات يؤمن الجميع بأهميتها وجوهريتها في مسار التنمية والبناء:
- دولة قانون ومؤسسات قوية وذات حكامة عصرية رشيدة؛
- اقتصاد قوي الأداء صامد ومستدام بيئيًا؛
- رأس مال بشري ذو تكوين وتأهيل جيدين خاصة فئة الشباب فيه؛
- وحدة وطنية قوية واندماج اجتماعي متكامل؛
- أمن واستقرار راسخين ودور دولي وإقليمي فعال.
إن الخطوات والبرامج التي حددها معالي الوزير الأول لتنفيذ سياسة الحكومة هي كلها خطوات جدية ودقيقة وقابلة للقياس وليست برامج تسويفية غير محسوبة النتائج. ولأن التنفيذ الفعلي لهذه السياسة لا يمكن أن يبدأ إلا مع السنة المالية الجديدة فقد حدد صاحب المعالي عشرة برامج استعجالية "قاسمها المشترك هو السعي إلى تحسين ظروف عيش وسكن مواطنينا وخصوصا الأقل دخلا، من خلال تعبئة ما هو متوفر من إمكانيات وهوامش" وسيتم تنفيذ هذه البرامج الاستعجالية خلال الأشهر المتبقية من هذه السنة بل تم بالفعل تنفيذ بعضها خاصة ما يتعلق منها بخفض الأسعار ودعم القدرة الشرائية للمواطن.
وإن أكثر ما لفت انتباهي في إعلان السياسة العامة للحكومة هو تأكيد معالي الوزير على إشراك المواطنين في مواكبة ورقابة هذه الإصلاحات من خلال "آلية لتعزيز المراقبة الشعبية على العمل الحكومي" منصة إلكترونية تجعل المواطن البسيط قادرا على تقييم الخدمة العمومية وتقديم الشكاوى والملاحظات، مع تأكيد معالي الوزير الأول أن كل المعلومات والشكاوى والملاحظات التي تصل هذه المنصة سيتم أخذها بعين الاعتبار والتصرف على أساسها بما يلزم وهي فكرة تؤكد إيمانه بالحقيقة التي بدأ بها عرضه أن الشعب " هو بحق، مصدر كل سلطة، وصاحب السيادة الوطنية على الإطلاق". إضافة إلى هذه المنصة الالكترونية العامة ستكون هنالك منصتان مباشرتان في أهم مجالين (التعليم والصحة) تجمع السلطات الإدارية وممثلي المواطن لتسيير تشاركي يوجه البوصلة ويمنع الانحراف.
إن مثل هذا البرنامج الطموحة يحتاج إلى رجل ديناميكي واعي وواقعي يعرف كيف يوضح أفكاره وكيف يدافع عنها وهي الصفات التي أبان عنها معالي الوزير الأول خلال ردوده على السادة النواب وقف الرجل وبعد ساعات طويلة من الإنصات ليرد على جميع الأسئلة والملاحظات التي أثارتها مداخلات النواب بحضور ذهني قوي وبحجج واضحة وعبارات دقيقة لم يتجنب أي سؤال ولم يتحرج من أية إجابة صدم الجميع بالحقائق المطلقة والمجردة، حين تحدث عن ملف الفساد وعن المياه والكهرباء وصف الواقع بدقة العارف وشخص الداء بخبرة الطبيب واستشرف الحلول ببصيرة السياسي غير المراوغ والا المخادع يقدم الحقائق ويعترف بالتقصير ويؤمن بضرورة الإسراع في وتيرة الإصلاح يمد يده للجميع لأنه يدرك أن هذه مسؤولية الجميع.
لقد وفق فخامة الرئيس في اختيار وزيره الأول وتحميله مسؤولية تنفيذ برنامجه الانتخابي كما وفق معالي الوزير الاول في صياغة السياسة العامة لحكومته والدفاع عنها بقوة ومسؤولية. والكرة الآن في مرمى المواطن الذي يجب أن يواكب عجلة الإصلاح ويراقب مسيري مصالحه ويحارب العقليات الرجعية والتصورات المسبقة ويؤمن بأن دولته على الطريق الصحيح.
محمد ولد فال رئيس حزب الرفاه