نص خطاب وزير الصيد في المنتدى الاقتصادي العربي الياباني

جمعة, 12/07/2024 - 11:53

السيدات والسادة،

ها نحن اليوم، تغمرنا لليوم الثالث، نشوة الشراكة المثمرة والثقة المتبادلة من خلال المنتدى الاقتصادي الخامس الذي يجمع الدول العربية بشريكها الاستراتيجي الياباني من أجل مواصلة استكشاف سُبُل دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية العربية اليابانية في شتى المجالات ذات الأهمية المشتركة مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الرقمية والابتكار بما يضمن التبادل التجاري والصناعي، واستشراف آفاق الاستثمار المتاح في الأسواق العربية واليابانية.
 
وسيتعزز هذا التعاون بانعقاد هذه الدورة الخامسة لهذا المنتدى لتأكيد جدية الطرفين في السير قُدُما وبخطى واثقة إلى إرساء دعائم التعاون الاقتصادي والتجاري بين القطاعين العام والخاص للجانبين العربي والياباني. ويعكس هذا الحضور المتميّز والتمثيل العالي الانسجام والرغبة في إنعاش القطاعات الاقتصادية للدول العربية واليابان وفي تطوير الاستثمارات البينية وكذا الإرادة الجادة التي تحدو الجانبين لمواصلة شراكة حقيقية تعود بالنفع على الطرفين.
 
ويعتبر هذا المنتدى الياباني العربي منصة للتفاعل والحوار بين القادة والمسؤولين وفرصة مهمة للشركات اليابانية للرفع من مستوى عملياتها وتوسيع نطاق أعمالها في ظل التحول الاقتصادي والصناعي الذي تشهده الدول العربية، مما سيؤدي، حتما، إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بين اليابان والدول العربية في المستقبل.
 
وبوصفي ممثلا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، أشيد بالتعاون العربي الياباني متعدد المجالات والقائم منذ أمد طويل عن طريق الحكومة اليابانية، أو عبر قنوات التعاون الياباني الرسمية. وأدعو، في نفس السياق، إلى تعزيز وتفعيل هذه الشراكة الاقتصادية بل أكثر من ذلك، توسيع مجالات التدخل لتشمل كافة فرص الاستثمار المتاحة في مختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة الطاقة المتجددة والبترول والغاز والصيد البحري والمعادن وفي مجال الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية الرقمية والعصرنة والابتكار، وكذا تنمية قدرات الموارد البشرية وتبادل الخبرات من أجل الاستفادة من التجربة اليابانية المتطورة.
 
زملائي الأعزاء والسادة المدعوين الكرام؛
السيدات والسادة؛
إن حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية تولي أهمية كبرى لقطاعي الرقمنة والابتكار من جهة، والطاقة المتجددة من جهة أخرى.
ففي مجال الرقمنة والابتكار، اعتمدت الحكومة الموريتانية استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي لاستعمال الرقمنة في مجالات حيوية كالتعليم والصحة والزراعة. وامتدادا لهذه السياسة، فقد وقع المعهد الموريتاني للرقمنة اتفاقية مع مركز "كانساي" الياباني للكفاءات في سنة 2023 من أجل الاستفادة من الخبرات اليابانية، ونعمل جادين على تفعيل هذه الاتفاقية لبلوغ هذا الهدف.
وعلى مستوى قطاع الطاقة وخاصة المتجددة منها، فقد عرف الولوج إلى خدمة الكهرباء تحسنا بشكل ملحوظ، حيث ارتفع من 42% في عام 2019 إلى 57.68% في ديسمبر 2023. ويأتي هذا التحسن نتيجة لجهود الحكومة من خلال تمويلات هامة على نفقة ميزانية الدولة وشركائها، كما ارتفعت نسبة الطاقة المختلطة من 28٪ عام 2019 إلى 48٪ في ديسمبر 2023، مما جعل بلادنا تحتل الريادة في شبه المنطقة في مجال تحول الطاقة عبر تشغيل محطة طاقة جديدة بالرياح بقدرة 100 ميغاواط مؤخرا.
وسيتم تعزيز هذا الولوج بإنجاز مشاريع جديدة تتثمل في تشغيل خطين بقدرة 225 كيلوفولت لكل منهما، لربط العاصمة بشمال وشرق البلاد، علاوة عن مواصلة مشاريع هامة في الوسط والجنوب الشرقي للبلاد.
 
وفي مجال الهيدروجين الأخضر، تقدر الإمكانيات التقنية المتاحة لإنتاج الكهرباء المتجددة في موريتانيا بنحو 4000 جيجاوات، بفضل ما توفره موريتانيا من ظروف مواتية لتطوير الهيدروجين الأخضر من مساحة كبيرة ذات كثافة سكانية منخفضة، قريبة من مناطق إنتاج الهيدروجين على ساحل المحيط الأطلسي وعلى ثروة من المعادن خاصة خام الحديد يصل إنتاجها إلى 14 مليون طن سنويًا، كما توفر بالإضافة إلى ذلك، بيئة مواتية لإنشاء صناعة الصلب الأخضر.
وعلى هذا الأساس، تقدر وكالة الطاقة الدولية أن موريتانيا يمكن أن تنتج الهيدروجين الأخضر بتكلفة أعلى بقليل من 2 دولار أمريكي/كيلوغرام بحلول عام 2030، بفضل سرعة الرياح والتكامل بين الرياح والطاقة الشمسية، حيث يتراوح إشعاع الشمس من 2100 إلى 2300 كيلووات للساعة/م²/سنويا، وسرعة الرياح بين 10 و11 م/الثانية (على ارتفاع 125 م) في الجزء الشمالي من البلاد.
 
وعلى ضوء هذه المعطيات، فإن الجمهورية الإسلامية الموريتانية تتيح لشركائها وخاصة في إطار الشراكة اليابانية العربية، العديد من فرص الاستثمار في المجالات التالية:
•        إنتاج الكهرباء (IPP تخزين البطاريات)
•        إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته (الأمونيا والميثانول والوقود الإلكتروني وغيرها)؛ 
•        معالجة خام الحديد (DRI والصلب الأخضر)؛ 
•        البنى التحتية الداعمة: الموانئ والطرق وخطوط الجهد العالي وخطوط أنابيب الهيدروجين.
 
زملائي الأعزاء، السادة المدعوين الكرام؛
السيدات والسادة؛
لا يسعني في الختام، إلا أن أتقدم بجزيل الشكر للحكومة اليابانية وللجامعة العربية على تنظيم هذا المنتدى الرفيع المستوى، وأن أعبر عن ثقتي في هذا الصرح الاقتصادي الهام، وأؤكِد على ضرورة انتهاز هذه السانحة للاستفادة القصوى من هذا الشريك الاستراتيجي الذي عبّر باستمرار ويُواصل في التعبير عن استعداده لبناء جسر تعاون اقتصادي قوامه الثقة المتبادلة ويضمن مزيدا من تدفق الاستثمارات المشتركة وفتح الأسواق وتعزيز بيئة الأعمال والتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية.
 
عاشت الصداقة اليابانية العربية... وعاش التعاون الاقتصادي المتبادل...