حديقة آرغين .. وعي بيئي مبكِّر / الإعلامي محمد المني

أربعاء, 05/06/2024 - 15:21

حوض آركين منطقة سبخية تقع بين نواكشوط ونواذيبو، وهي بعمقيها القاري الصحراوي والبحري الجزري، تمتد من رأس آرغين شمالا إلى بلدة نوامغار جنوباً، وتشمل جزيرتي آركين وتيدره الشهيرتين بتنوعهما الحيوي. وحوض آركين موئل لأسراب الطيور التي تأوي إليه ملايين منها خلال هجرتها السنوية، لاسيما البجع الأبيض والخطاف الملكي والبقويق الأشقر والنحام الوردي. ولدى قدومها تمنح تجمعاتُ الطيور حوضَ آركين منظراً بديعاً ملوناً بالأرجواني والأخضر والأحمر والأزرق، مع وجود طقس لطيف معظم أوقات العام. وللأهمية البيئية والسياحية التي يتمتع بها حوض آرغين، فقد تم إعلانه في عام 1976 حديقةً وطنيةً تمتد على مساحة 12 ألف كليو متر مربع، ما يجعلها أحد أكبر المنتزهات في القارة الأفريقية. ولذا فهي مشمولة باتفاقية «رمسار» الدولية حول الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالية، ومدرجة على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.
 وقد أَشْرَف المختار ولد داداه على تدشين حديقة حوض آركين يوم 8 يونيو 1978، وأدلى قبيل توجهه إليها بتصريح للإذاعة الوطنية قال فيه:
أيها المواطنون الأعزاء، لقد كانت بلادنا قبل نحو عشرين سنة تؤوي قطعاناً من الحيوانات البرية لا حصر لها، وهي نتاج لآلاف السنين من التطور. فظلت سهولنا على مدى قرون مغطاة بأشجار الصمغ ولم يتراجع ذلك المظهر إلا منذ بضع سنوات. كما كانت غابات أشجار التمر الهندي تغطى جنوب البلاد بشكل كثيف. وقد عرف أسلافنا الأماجد كيفية المحافظة على التوازن القائم بين هذه الحيوانات والنباتات.
فأين هذا من واقعنا اليوم؟ إن الإفراط في قطع الأشجار وتعرض المناطق الريفية للحرائق، سبَّب زحفَ الرمال وتقدم جبهة التصحر. كما أن الصيد البري الفوضوي أباد قطعان الظباء والغزلان والنعام… إلخ. وكان كل هذا من فعل الإنسان الذي يعتبر مسؤولا عن جزء كبير من مسببات الجفاف الذي تعرضنا لعواقبه ونتعرض لها في الحال.
وسيكون من قبيل المأساة أن تحرم أجيال اليوم والغد نهائياً من هذا الإرث الثمين. ولذا فإنني أعلن على الملأ باسم الشعب الموريتاني وحزبه وحكومته أننا ماضون في اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لصيانة مواردنا الطبيعية وتسييرها على الوجه الأكمل والمحافظة على كل مكوناتها من حيوانات ونباتات وغابات وتربة ومياه قارية وبحرية… إلخ. وأحث كل مواطن على أن يعتبر أن من واجبه اتخاذ عهد على نفسه بالمشاركة في حماية هذا الإرث العلمي الثقافي الاقتصادي، وأن يترجم ذلك الالتزام من خلال تصرفاته اليومية. كما أحض الحزب والحركات الوطنية المنضوية تحت لوائه، من نساء وشباب وعمال، على أن يجعلوا من حماية الطبيعة أحد اهتماماتهم الدائمة في مختلف تظاهراتهم.
وتتعهد الحكومة في هذا الشأن بما يلي:
1- إصدار التشريعات الملائمة لحماية البيئة وصيانتها وتحسين الموارد الطبيعية المتجددة ومحاربة التلوث والحفاظ على الوسط عموماً.
2- تهيئة حدائق وطنية لأصناف الحيوانات والنباتات في كافة الأماكن التي تتعرض فيها تلك الأصناف للخطر.
3- منح عناية خاصة للأنواع السائرة في طريق الانقراض.
4- المساهمة في النشاطات شبه الإقليمية والقارية والعالمية من أجل صيانة التراث البشري.

محمد المنى