عن حياة العلامة الناجي إبن الطالب العالم

خميس, 08/02/2024 - 10:14

العلامة الناجي إبن الطالب العالم

 هو العلامة الجليل محمد  الناجي الملقب والمعروف بالناجي ولد الطالب العالم أجملي الشنقيطي من قبيلة بني إجملان الشرفاء 
  سليل بيت أماجد: 
جمع بين العلم والطب  والسيادة والشجاعة والإنفاق  وأبلى بلاء حسنا في مسيرته العلمية الحافلة بالعطاء.
 ولد العلامة الناجي بن الطالب العالم في بيت عز وشرف بمنطقة مقطع لحجار-ولاية لبراكنه، والده الرجل العابد البو ولد محمد عبد الرحمن بن الطالب العالم
وأمه السيدة  إفيله  إبنة الولي الصالح  أحمد بن الطالب العالم، فنشأ وترعرع في محيط طيب.
 بدأ في رحلة طلب العلم والحرص على المعارف باكرا وعض على ذلك بالنواجذ،  تلقى علومه على يد مشايخ كبارحيث حفظ القرٱن الكريم ونال شهادة الإجازة على يد الشيخ محمد فال بن بلال رحمه الله، ودرس المنطق والبيان على يد شيخه زيني بن المحبوبي رحمه الله. حتى أصبح عالم عصرة ونابغة زمانه، فقد نهل أبناء منطقته من معين علمه وتوافد عليه طلاب العلم من كل حدب وصوب ليجدوا فيه ضالتهم المنشودة. 
كانت محظرته قلعة علم شامخة رغم تزامنها مع هيمنة الاستعمار ومحاولته إقصاء الثقافة المحلية المحافظة، واستبدالها بالثقافة الأروبية ٱنذاك، إلا أنه رغم  أنف الاحتلال وقفت محظرته صامدة في وجه التحديات، حيث واصل العلامة الورع الناجي ولد الطالب العالم مشواره العلمي، وبث علما لاينضب في قلوب الرجال، ورصيدا لاينفد من العلم و الحكمة.
من بين تلامذته  العالم الجليل أحمد بن عبادي ومحمدو بن عبد القادر الملقب (إدومو) والسالم بن محمد المختار الملقب (إباهن) والناجي بن باجد وإنجيه بن لقلاشي وفال السالم بن ابلال ومحمد عبد الرحمن بن إعل بينه ومحمد المصطفى الملقلب (دد) ولد الشيخ محمد زيد.....)
لم يكتف جدي رحمه الله  بالجانب العلمي فحسب، بل تفنن في الطب التقليدي وبرع فيه حتى أصبح طبيبا ماهرا لا يبارى  في الطب، حيث قرأ الطب التقليدي وعمدة أوفى على يدي الطبيب الماهر العارف بالله أوفى رحمه الله.
كان الناجي رحمه الله يجري الفحوصات عن طريق (القارورة ) وهي زجاجة تجعل فيها  قطرات من بول المريض  وتعرض  لأشعة  الشمس لمدة معينة بعدها تتم المعاينة ويكتشف الداء  بإذن  الباري لتبدأ مرحلة العلاج، خصه الله بسرعة البديهة ويد شافية  قل نظيرها، كما كان يحرص على الجانب النفسي للمريض لتبقى معنوياته مرتفعة ويتماثل للشفاء القريب بحول الله.
وهب العلامة  الجليل والطبيب الماهر الناجي بن الطالب العالم  علمه وطبه في سبيل الله لايخشى في ذلك لومة لائم  ولاينتظر مكافأة  إلا من رب العباد صاحب الجود والكرم.
عرف  نابغة زمانه  الناجي  برجاحة العقل وسماحة الصدر  والشجاعة، وضياء الوجه و الحلم والإنفاق والتواضع والسخاء، شهد له بذلك القاصي والداني.
العلامة الناجي بن الطالب العالم
كان شجاعا مقداما سيدا من أسياد قبيلته( دگجمله) ولديه علاقات نفوذ واسعة مع الأعيان.
كما لعب الناجي رحمه الله أثناء حقبة الاستعمار دورا بارزا  في المقاومة الثقافية، ففي فترة ترشح  أحمدو إبن حرمه الذي كان يمثل تيارا وطنيا ويعتبرونه ممثلا للدين الحنيف(الإسلام)، كان المستعمر لديه ٱنذاك خيارات على المستوى الوطني، فقد وقف الناجي في صف  أحمدو بن حرمه حيث كان من الأوائل الذين دعموه مناصرة للحق وذودا عن الوطن الحبيب.
كما كان له حظا وافرا من الشعر والأدب والفتوه، ويقول في هذه المناسبة:
دعا داعي الهداة المسلمينا _فلبينا المناديا إذ دعينا
دعانا أحمد الميموني طرا_ إلى الله فكن السابقينا
فهل علينا ذم أو عتاب_إذا كنا لأحمد تابعينا
ويقول في الأدب الحساني  في غرض التوجيه:
كل أمنادم رب طاه_باب الجنه وهي دارو
إن عمل بما يرضاه_وإن خالف فالنارو.
 كما حظي الناجي  رحمه الله بنصيب من الترف والغني، فقد أقلبت عليه الدنيا وسخرها  فيما يرضي الواحد الأحد، حيث أنفق  وأعطى عطاء من لايخاف فقرا
على القريب والبعبد، وتكفل بالمرضى واليتامى والأرامل.
عاصره الكثير من أهل العلم والفضل ...)
 من أبناء عمومته العلامة الجليل لمهابه بن الطالب إميجن إجملي، ومن أبناء منطقته العلامة الكبير الشيخ محمد المصطفى بن الشيخ أحمد أبو المعالي التاگاطي.
لم يخلف  الناجي ولد الطالب العالم من الأبناء إلا إبنة واحدة تدعى إسلمها أطال الله بقاءها، ولديه منها  أحفادا.
لم يعش العلامة رحمه الله  عمرا طويلا كما قال بعض تلامذته مقولته المشهورة: "شيخنا الناجي لم يكن عمره طويلا ولكن كان عمره عريضا"،  حيث توفي جدي رحمه الله في( مقطع  لقديره )ودفن في منطقة( بجنݣل )عن عمر يناهز 42 عاما
 كانت وفاته ثلمة في الدين في بلاد شنقيط، ومصاب جلل به يفتقد نور بدر العلم والطب والكرم والإنفاق. 
رثي العلامة الناجي بن الطالب العالم بعد وفاته رحمه الله بالعديد من المراثي شعرا ونثرا من بينها:
بعض مراثيه بالشعر العربي يقول الشاعر والأديب شعيب بن أحمدو رحمه الله
لله در فتى قد أقفرت دمنه_لم يات في مثله بمثله زمنه
كأنه  البدر في صفو وفي ألق_وفي سمو تسامت للعلى قننه
لو أخلد المجد في الأيام  من أحد_ لظل يرفل في أفنانه فننه
لكنه الموت يغتال الكرام فكم_ في هدأة الليل طافت بالحمى محنه
واليوم نرزأ في الناجي وقد شهدت_ بالصدق والعلم والتقوى له سننه
وبالتواضع والأخلاق .. ديدنه_
نفع البرية تهمي نحوهم مننه
والطب سيمته كم كان بلسم ما_ يشكو المريض إذا ماشفه حزنه
يحي الليالي بالقرٱن يتقنه_كأنه قد حوى ماقد حوت متنه
إلى أن يقول:
لكنه  الموت لايوقي منازله_ سيف يمين ولاصدق ولا أمنه
عليه من رحمات الله
 واكفة_كالغيث فوق الربى تعمي ندى هتنه
 
كما يقول الفقيه والقاضي الشيباني بن الخليفه 

قد عاش عمرا بعد ألف حجة _عشية الربيع من ذي الحجة
ذاك الإمام العالم إبن العالم__الناج من حوى علوم العالم
مصيبة عمت جميع الأمة__وثلمة في الدين أي ثلمة
وماله عاشت به اليتامى__ وضيف والجران والأيامى
ناده ربه لدار أكرما__ نزلهاوالناج فيها  أكرما

ويرثيه البعض بالشعر الحساني : 
يقول الأديب إكاه إبن كبد
ماتت قريحة كل فن__فن في الناس إموت الناجي
وستره ماتت وندفن نفع الضيف لاجى
كما يقول ٱخر:
ماتت  لمنحيه فأجمل _والدين أضعف ولله
والزنفه منه بعد قل_ياااسر والعلم الزاهي.

 برحيل العلامة الجليل  والطبيب اللبيب الناجي ولد الطالب العالم( أجملي ) أفل  بدر من بدور العلم والطب والشجاعة والإنفاق والسخاء، ومازال  إسمه محفورا في الذاكرة ونجمه ساطعا حاضرا بقوة
 يرفرف أينما حلت المرؤوة، أو ذكر معين فيض العلم والعلماء في أرض المنارة والرباط شنقيط.

بقلم:
الإعلامية والكاتبة  تبيبة أحمد(نجيبه)